للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُصِفَ (١) بِالنُّبُوَّةِ فَقَطْ، وَإِسْمَاعِيلُ وُصِفَ (٢) بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٣) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ ... " وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ.

وَقَوْلُهُ: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} : هَذَا أَيْضًا مِنَ الثَّنَاءِ الْجَمِيلِ، وَالصِّفَةِ الْحَمِيدَةِ، وَالْخِلَّةِ السَّدِيدَةِ (٤) ، حَيْثُ كَانَ مُثَابِرًا عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِ آمِرًا بِهَا لِأَهْلِهِ (٥) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى لِرَسُولِهِ: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: ١٣٢] ، وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ} الْآيَةَ [التَّحْرِيمِ: ٦] أَيْ: مُرُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَا تَدَعُوهُمْ هَمْلًا فَتَأْكُلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَح فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ (٦) فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ" أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ (٧) .

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّيْلِ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ، كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَاللَّفْظُ لَهُ (٨) .

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧) } .

وَهَذَا (٩) ذِكْرُ إِدْرِيسَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، بِأَنَّهُ (١٠) كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا، وَأَنَّ اللَّهَ رَفَعَهُ مَكَانًا عَلِيًّا. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مَرَّ بِهِ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ وَهُوَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ هَاهُنَا أَثَرًا غَرِيبًا عَجِيبًا، فَقَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَمِر بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا، وَأَنَا حَاضِرٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا قَوْلُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-لِإِدْرِيسَ: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} فَقَالَ كَعْبٌ: أَمَّا إِدْرِيسُ فَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنِّي أَرْفَعُ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَ عَمَلِ جَمِيعِ بَنِي آدَمَ، فَأَحَبَّ أَنْ يَزْدَادَ عَمَلًا (١١) فَأَتَاهُ خَلِيلٌ لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ كَذَا وَكَذَا، فَكَلِّمْ لِي (١٢) مَلَكَ الْمَوْتِ، فَلْيؤخرني حَتَّى أَزْدَادَ عَمَلًا فَحَمَلَهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ، حَتَّى صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ تَلَقَّاهُمْ مَلَك الْمَوْتِ مُنْحَدِرًا، فَكَلَّمَ مَلَكَ الْمَوْتِ فِي الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ إِدْرِيسُ، فَقَالَ: وَأَيْنَ إِدْرِيسُ؟ فَقَالَ: هُوَ ذَا عَلَى ظَهْرِي. قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ: فَالْعَجَبُ! بُعِثْتُ وَقِيلَ لي: اقبض روح إدريس


(١) في ف: "وصفه".
(٢) في ف: "وصفه".
(٣) لفظه عند مسلم في صحيحه برقم (٢٢٧٦) : "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا"، والله أعلم.
(٤) في ت: "الشديدة".
(٥) في ف: "أهله".
(٦) في ت: "فنضحت".
(٧) سنن أبي داود برقم (١٤٥٠) وسنن ابن ماجه برقم (١٣٣٦) .
(٨) سنن أبي داود برقم (١٤٥١) وسنن النسائي الكبرى برقم (١١٤٠٦) وسنن ابن ماجه برقم (١٣٣٥) .
(٩) في ت: "وهكذا".
(١٠) في أ: "فإنه".
(١١) في ف، أ: "تزداد علما".
(١٢) في ت: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>