للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَوْلُهُ: {كَلا} : هِيَ حَرْفُ رَدْع لِمَا قَبْلَهَا وَتَأْكِيدٌ لِمَا بَعْدَهَا، {سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} أَيْ: مِنْ طَلَبِهِ ذَلِكَ وحُكْمه لِنَفْسِهِ بِمَا تَمَنَّاهُ، وَكَفْرِهِ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} أَيْ: فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ، وَكُفْرِهِ [بِاللَّهِ] (١) فِي الدُّنْيَا.

{وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} أَيْ: مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ، نَسْلُبُهُ مِنْهُ، عَكْسَ مَا قَالَ: إِنَّهُ يُؤْتى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ مَالًا وَوَلَدًا، زِيَادَةً عَلَى الَّذِي لَهُ فِي الدُّنْيَا؛ بَلْ فِي الْآخِرَةِ يُسلَب مِنَ الَّذِي كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَلِهَذَا قَالَ: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا} أَيْ: مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} ، [قَالَ: نَرِثُهُ] (٢)

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} : مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَذَلِكَ الَّذِي قَالَ الْعَاصِ بْنُ وَائِلٍ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} قَالَ: مَا عِنْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا} وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "وَنَرِثُهُ مَا عِنْدَهُ".

وَقَالَ قَتَادَةُ: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا} : لَا مَالَ لَهُ، وَلَا وَلَدَ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} قَالَ: مَا جَمَعَ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا عَمِلَ فِيهَا، قَالَ: {وَيَأْتِينَا فَرْدًا} قَالَ: فَرْدًا مِنْ ذَلِكَ، لَا يَتْبَعُهُ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.

{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (٨٢) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤) } .

يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْكُفَّارِ الْمُشْرِكِينَ بِرَبِّهِمْ: أَنَّهُمُ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً، لِتَكُونَ تِلْكَ الْآلِهَةُ {عِزًّا} يَعْتَزُّونَ بِهَا وَيَسْتَنْصِرُونَهَا.

ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا، وَلَا يَكُونُ مَا طَمِعُوا، فَقَالَ: {كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} أَيْ: بِخِلَافِ مَا ظَنُّوا فِيهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ. وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (٣) } [الْأَحْقَافِ: ٥، ٦]

وَقَرَأَ أَبُو نَهِيك: "كُلٌّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ".

وَقَالَ السُّدِّيُّ (٤) : {كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ} أَيْ: بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ. وَقَوْلُهُ: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} أَيْ: بِخِلَافِ مَا رَجَوا مِنْهُمْ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} قَالَ: أَعْوَانًا.

قَالَ مجاهد: عونًا عليهم، تُخَاصِمُهم وتُكَذّبهم.


(١) زيادة من ف.
(٢) زيادة من ف.
(٣) في ت: "كافرون"، وهو خطأ.
(٤) في ت: "السندي".

<<  <  ج: ص:  >  >>