والطَّرِيقةُ التي اتَّبَعَها الحافظُ ابنُ كَثِيرٍ في كِتَابِهِ أن يَذْكُرَ الآيةَ، ثم يَذْكُر مَعْناها العام، ثم يُورِدُ تَفْسيرَها من القُرْآنِ أو من السُّنَّةِ أو من أقوال الصَّحَابِة والتَّابِعينَ، وأحْيانًا يَذْكُرُ كُلَّ ما يَتعلَّقُ بالآيةِ من قَضَايا أو أحْكَامٍ، ويَحْشُد لذلك الأدِلةَ من الكِتَابِ والسُّنةِ، وَيذْكرُ أقْوَالَ المذاهبِ الفِقْهِيَّةِ وأدِلتَهَا والتَّرْجِيحَ بَيْنَها.
وقد طُبِعَ هذا التفسيرُ لأوَّلِ مرة في المطْبَعَةِ الأمِيريَّة من سنة ١٣٠٠ هـ إلى سنة ١٣٠٢ هـ بهامش تفسير "فَتْح البَيَان" لِصدّيقِ حَسَن خَان، ثم طَبَعهُ الشيخُ رَشِيد رِضَا -رحمه الله-ومعه تَفْسيرُ البَغَوِيِّ في تِسْعَةِ مُجلَّداتٍ بأمر جَلالِة الملِكِ عبدِ الْعَزيزِ بْنِ عبدِ الرَّحْمنِ آلِ سُعُود-رحمه الله-من سنة ١٣٤٣ هـ إلى سنة ١٣٤٧ هـ، واجْتَهدَ -رحمه الله-في تَصحِيحهِ ما اسْتَطَاعَ، ولكن فَاتَهُ الشَّيْءُ الكَثِيرُ.
ثُمَّ تَدَاولتِ المطَابِعُ طَبْعَهُ طبعاتٍ تِجاريَّة، ليس فيها تَصْحِيح ولا تَحْقيقٌ وَلا مُراجَعَةٌ، وإنما اعْتَمَدُوا طَبْعَة "المنار"، فأخذوها بما فيها من أغْلاطٍ، ثم زادوها ما استطاعوا من غَلَط أو تَحْريفٍ.
فَكَانَ انتفاعُ النَّاسِ بهذا التفْسيرِ انتفاعًا قاصرًا؛ لما امتلأتْ بِهِ طَبَعاتُهُ مِنْ غَلَطٍ وَتَحْريفٍ، يَجِبُ معهما أن يُعادَ طَبْعُهُ طبعةً عِلْمِيةً مُحَقَّقةً، ويُرجَعُ فيها إلى النُّسَخِ المخْطُوطةِ منه ما أمْكَنَ، ثم الرجوع إلى مصادر السُّنَّةِ الَّتِي يَنْقِلُ عنها الحافظُ ابْنُ كَثيرٍ، وإلى كُتُبِ رِجَالِ الحديثِ والتَّراجُمِ لتَصْحِيحِ أسْماءِ الرجالِ في الأسانيدِ، وهم شَيءٌ كثيرٌ وعدَدٌ ضَخْمٌ (١) .
حتى جاءت سنة ١٣٩٠ هـ فَخَرجتْ طَبعةٌ جَديدةٌ لهذا التَّفْسير من دار الشَّعْبِ بتَحْقيقِ الأساتذةِ: