للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَغَيْرُهُ: الصَّلَوَاتُ: مَعَابِدُ الصَّابِئِينَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: الصَّلَوَاتُ: مَسَاجِدُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَلِأَهْلِ الْإِسْلَامِ بِالطُّرُقِ. وَأَمَّا الْمَسَاجِدُ فَهِيَ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَقَوْلُهُ: {يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} فَقَدْ قِيلَ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: {يُذْكَرَ فِيهَا} عَائِدٌ إِلَى الْمَسَاجِدِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ الْمَذْكُورَاتِ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْجَمِيعُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: الصوابُ: لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ الرُّهْبَانِ وبِيعُ النَّصَارَى وَصَلَوَاتُ الْيَهُودِ، وَهِيَ كَنَائِسُهُمْ، وَمَسَاجِدُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ الْمَعْرُوفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: هَذَا تَرَقٍّ مِنَ الْأَقَلِّ إِلَى الْأَكْثَرِ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَهِيَ أَكْثَرُ عُمَّارا وَأَكْثَرُ عُبَّادًا، وَهُمْ ذَوُو الْقَصْدِ الصَّحِيحِ.

وَقَوْلُهُ: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} كَقَوْلِهِ (١) تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [مُحَمَّدٍ: ٧، ٨] .

وَقَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} وَصَف نَفْسَهُ بِالْقُوَّةِ وَالْعِزَّةِ، فَبِقُوَّتِهِ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا، وَبِعِزَّتِهِ لَا يَقْهَرُهُ قَاهِرٌ، وَلَا يَغْلِبُهُ غَالِبٌ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ ذَلِيلٌ لَدَيْهِ، فَقِيرٌ إِلَيْهِ. وَمَنْ كَانَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ناصرَه فَهُوَ الْمَنْصُورُ، وَعَدُوُّهُ هُوَ الْمَقْهُورُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصَّافَّاتِ: ١٧١ -١٧٣] وَقَالَ [اللَّهُ] (٢) تَعَالَى: {كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الْمُجَادَلَةِ: ٢١] .

{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ (٤١) } .

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَاني، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ وَهِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ: فِينَا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} ، فَأُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا بِغَيْرِ حَقٍّ، إِلَّا أَنْ قُلْنَا: "رَبُّنَا اللَّهُ"، ثُمَّ مُكنّا فِي الْأَرْضِ، فَأَقَمْنَا الصَّلَاةَ، وَآتَيْنَا الزَّكَاةَ، وَأَمَرْنَا بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَيْنَا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ، فَهِيَ لِي ولأصحابي.


(١) في ت: "لقوله".
(٢) زيادة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>