للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٤٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (٤٨) } .

يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ (١) : {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} أَيْ: هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ الْمُلْحِدُونَ الْمُكَذِّبُونَ (٢) بِاللَّهِ وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، كَمَا قَالَ [اللَّهُ] (٣) تَعَالَى: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الْأَنْفَالِ: ٣٢] ، {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} [ص: ١٦] .

وَقَوْلُهُ: {وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} أَيِ: الَّذِي قَدْ وَعَد، مِنْ إِقَامَةِ السَّاعَةِ وَالِانتِقَامِ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَالْإِكْرَامِ لِأَوْلِيَائِهِ.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو، وَهَلْ يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ؟ فَقَالَ: لَا. فَذَكَرَ آيَةَ وَعِيدٍ، فَقَالَ لَهُ: أَمِنَ (٤) الْعَجَمِ أَنْتَ؟ إِنَّ الْعَرَبَ تَعدُ الرُّجُوعَ عَنِ الْوَعْدِ لُؤْمًا، وَعَنِ الْإِيعَادِ كَرَمًا، أومَا سمعتَ قَوْلَ الشَّاعِرِ (٥) :

لَا يُرْهِبُ ابنَ الْعَمِّ مِنِّي (٦) سَطْوَتي ... وَلَا أخْتَتِي (٧) مِنْ سَطْوة المُتَهَدّد ...

فَإِنِّي وَإن أوْعَدْتُه أوْ وَعَدْتُه ... لَمُخْلِفُ إيعَادي ومُنْجزُ مَوْعدي ...

وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} أَيْ: هُوَ تَعَالَى لَا يَعجَل، فَإِنَّ مِقْدَارَ أَلْفِ سَنَةٍ عِنْدَ خَلْقِهِ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حُكْمِهِ، لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ عَلَى الِانتِقَامِ قَادِرٌ، وَأَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ، وَإِنْ أجَّلَ وأنظَر وَأَمْلَى؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ هَذَا: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ}

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفة، حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ


(١) في ف، أ: "عليه وسلامه".
(٢) في ت، ف: "الملحدين المكذبين".
(٣) زيادة من ف.
(٤) في ت، ف، أ: "من".
(٥) هو عامر بن الطفيل والبيت في اللسان مادة (ختأ) ، (وعد) .
(٦) في ت، ف، أ: "والجار".
(٧) في ت، ف، أ: "ينثني".

<<  <  ج: ص:  >  >>