للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) } .

وَهَذَا أَيْضًا أَدَبٌ أَرْشَدَ اللَّهُ عبادَه الْمُؤْمِنِينَ إِلَيْهِ، فَكَمَا أَمَرَهُمْ بِالِاسْتِئْذَانِ عِنْدَ الدُّخُولِ، كَذَلِكَ أَمْرَهُمْ بِالِاسْتِئْذَانِ عِنْدَ الِانْصِرَافِ -لَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا فِي أَمْرٍ جَامِعٍ مَعَ الرَّسُولِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، مِنْ صَلَاةِ جُمُعَةٍ أَوْ (١) عِيدٍ أَوْ (٢) جَمَاعَةٍ، أَوِ اجْتِمَاعٍ لِمَشُورَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ -أَمْرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَلَّا يَنْصَرِفُوا عَنْهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ وَمُشَاوَرَتِهِ. وَإِنَّ مَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْكَامِلِينَ.

ثُمَّ أَمَرَ رَسُولَهُ -صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ -إِذَا اسْتَأْذَنَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ، إِنْ شَاءَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .

وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل ومُسَدَّد، قَالَا حَدَّثَنَا بِشَرٌ -هُوَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ -عَنْ عَجْلان عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فليسلِّم، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فليسلِّم، فَلَيْسَتِ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْآخِرَةِ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، بِهِ (٣) . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ.

{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣) } .

قَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، عَنْ ذَلِكَ، إِعْظَامًا لِنَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ (٤) قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ. وَهَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَير.

وَقَالَ قَتَادَةُ: أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُهَابَ نَبِيُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ يُبَجَّل وأن يعظَّم وأن يسود.


(١) في ف: "و".
(٢) في ف: "و".
(٣) سنن أبي داود برقم (٥٢٠٨) وسنن الترمذي برقم (٢٧٠٦) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠٢٠١) .
(٤) في ف، أ: "صلى الله عليه وسلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>