للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سُورَةُ النَّمْلِ

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٣) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ (٥) وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (٦) }

قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي "سُورَةِ الْبَقَرَةِ" عَلَى الْحُرُوفِ الْمُتَقَطِّعَةِ (١) فِي أَوَائِلِ السُّوَر.

وَقَوْلُهُ: {تِلْكَ آيَاتُ} أَيْ: هَذِهِ آيَاتُ {الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ} أَيْ: بَيِّنٍ وَاضِحٍ.

{هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} أَيْ: إِنَّمَا تَحْصُلُ الْهِدَايَةُ وَالْبِشَارَةُ مِنَ الْقُرْآنِ لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ، وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَآمَنَ (٢) بِالدَّارِ الْآخِرَةِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ، خَيْرِهَا وَشَرِّهَا، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فُصِّلَتْ: ٤٤] . وَقَالَ: {لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا} [مَرْيَمَ: ٩٧] ؛ وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} أَيْ: يُكَذِّبُونَ بِهَا، وَيَسْتَبْعِدُونَ وُقُوعَهَا {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ} أَيْ: حَسَّنَّا لَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ، وَمَدَدْنَا لَهُمْ فِي غَيهم فَهُمْ يَتيهون فِي ضَلَالِهِمْ. وَكَانَ هَذَا جَزَاءً عَلَى مَا كَذَّبُوا بِهِ مِنَ الدَّارِ الْآخِرَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الْأَنْعَامِ: ١١٠] ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذَابِ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، {وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأخْسَرُونَ} أَيْ: لَيْسَ يَخْسَرُ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ سِوَاهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَحْشَرِ.

وَقَوْلُهُ: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} أَيْ: {وَإِنَّكَ} يَا مُحَمَّدُ - قَالَ قَتَادَةُ: {لَتُلَقَّى} أَيْ: لَتَأْخُذُ. {الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} أَيْ: مِنْ عِنْدِ حَكِيمٍ عَلِيمٍ، أَيْ: حَكِيمٌ فِي أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ، عَلِيمٌ بِالْأُمُورِ جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، فَخَبَرُهُ هُوَ الصِّدْقُ الْمَحْضُ، وَحُكْمُهُ هُوَ الْعَدْلُ التَّامُّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا [لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ] } (٣) [الْأَنْعَامِ: ١١٥] .

{إِذْ قَالَ مُوسَى لأهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٨) يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (١٢) فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) }


(١) في ف: "المقطعة".
(٢) في ف: "وأيقن".
(٣) زيادة من ف، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>