للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠) }

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ ابْتَعَثَهُ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْقَادَةِ، وَالْأَتْبَاعِ وَالرَّعَايَا، مِنَ الْقِبْطِ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ، يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، وَأَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُ آيَاتٍ عِظَامًا، كَيَدِهِ وَعَصَاهُ، وَمَا أَرْسَلَ مَعَهُ مِنَ الطُّوفَانِ وَالْجَرَادِ وَالْقُمَّلِ وَالضَّفَادِعِ وَالدَّمِ، وَمِنْ نَقْصِ الزُّرُوعِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ اسْتَكْبَرُوا عَنِ اتِّبَاعِهَا وَالِانْقِيَادِ لَهَا، وَكَذَّبُوهَا وَسَخِرُوا مِنْهَا، وَضَحِكُوا مِمَّنْ جَاءَهُمْ بِهَا. {وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} وَمَعَ هَذَا مَا رَجَعُوا عَنْ غَيِّهِمْ وَضَلَالِهِمْ، وَجَهْلِهِمْ وَخَبَالِهِمْ. وَكُلَّمَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ يَضَّرَّعُونَ إِلَى مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَتَلَطَّفُونَ لَهُ فِي الْعِبَارَةِ بِقَوْلِهِمْ: {يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ} أَيِ: الْعَالِمُ، قَالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَكَانَ عُلَمَاءُ زَمَانِهِمْ هُمُ السَّحَرَةَ. وَلَمْ يَكُنِ السِّحْرُ عِنْدَهُمْ فِي زَمَانِهِمْ مَذْمُومًا، فَلَيْسَ هَذَا مِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِانْتِقَاصِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَالَ حَالَ ضَرُورَةٍ مِنْهُمْ إِلَيْهِ لَا تُنَاسِبُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمٌ فِي زَعْمِهِمْ، فَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يَعِدُون مُوسَى [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (١) إِنْ كَشْفَ عَنْهُمْ هَذَا أَنْ يُؤْمِنُوا وَيُرْسِلُوا مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يَنْكُثُونَ مَا عَاهَدُوا عَلَيْهِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ [تَعَالَى] (٢) {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ. وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى (٣) ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الأعراف: ١٣٣ -١٣٥] .


(١) زيادة من ت.
(٢) زيادة من ت.
(٣) في ت، م: "يا أيها الساحر" وهو خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>