للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١) إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٤٢) }

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ عَدْلِهِ وَتَنْزِيهِهِ نَفْسَهُ عَنِ اللَّعِبِ وَالْعَبَثِ وَالْبَاطِلِ، كَقَوْلِهِ: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص: ٢٧] ، وَقَالَ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [الْمُؤْمِنُونَ: ١١٥، ١١٦] .

ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ} وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، يَفْصِلُ اللَّهُ فِيهِ بَيْنَ الْخَلَائِقِ، فَيُعَذِّبُ الْكَافِرِينَ وَيُثِيبُ الْمُؤْمِنِينَ.

وَقَوْلُهُ: {مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ} أَيْ: يَجْمَعُهُمْ كُلَّهُمْ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ.

{يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا} أَيْ: لَا يَنْفَعُ قَرِيبٌ قَرِيبًا، كَقَوْلِهِ: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: ١٠١] ، وَكَقَوْلِهِ {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا. يُبَصَّرُونَهُمْ} [الْمَعَارِجِ: ١٠، ١١] أَيْ: لَا يَسْأَلُ أَخًا لَهُ عَنْ حَالِهِ وَهُوَ يَرَاهُ عِيَانًا.

وَقَوْلُهُ: {وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} أَيْ: لَا يَنْصُرُ الْقَرِيبُ قَرِيبَهُ، وَلَا يَأْتِيهِ نَصْرُهُ مِنْ خَارِجٍ.

ثُمَّ قَالَ: {إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ} أَيْ: لَا يَنْفَعُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لِخَلْقِهِ (١) {إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} أَيْ: هُوَ عَزِيزٌ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ.

{إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الأثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (٤٥) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (٤٦) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (٤٨) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩) إِنَّ هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (٥٠) }

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا يُعَذِّبُ بِهِ [عِبَادَهُ] (٢) الْكَافِرِينَ الْجَاحِدِينَ لِلِقَائِهِ: {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأثِيمِ}


(١) في أ: "إلا رحمة الله بخلقه".
(٢) زيادة من ت، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>