للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٢١) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٣) فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (٢٥) } .

يَقُولُ تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ فِي تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَهُ مِنْ قَوْمِهِ: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ} وَهُوَ هُودٌ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى عَادٍ الْأُولَى، وَكَانُوا يَسْكُنُونَ الْأَحْقَافَ -جَمْعُ حقْف وَهُوَ: الْجَبَلُ مِنَ الرَّمْلِ-قَالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الْأَحْقَافُ: الْجَبَلُ وَالْغَارُ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْأَحْقَافُ: وَادٍ بِحَضْرَمَوْتَ، يُدْعَى بُرْهوت، تُلْقَى فِيهِ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكر لَنَا أَنَّ عَادًا كَانُوا حَيًّا بِالْيَمَنِ أَهْلَ رَمْلٍ مُشْرِفِينَ عَلَى الْبَحْرِ بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: الشِّحْر.

قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: "بَابُ إِذَا دَعَا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ": حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْحَمُنَا اللَّهُ، وَأَخَا عَادٍ" (١) .

وَقَوْلُهُ: {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} يَعْنِي: وَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَى مَنْ حَول بِلَادِهِمْ مِنَ الْقُرَى مُرْسَلِينَ وَمُنْذِرِينَ، كَقَوْلِهِ: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} [الْبَقَرَةِ: ٦٦] ، وَكَقَوْلِهِ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأنزلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [فُصِّلَتْ: ١٣، ١٤] (٢) (٣) أَيْ: قَالَ لَهُمْ هُودٌ ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ قَوْمُهُ قَائِلِينَ: {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا} أَيْ: لِتَصُدَّنَا {عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}


(١) سنن ابن ماجه (٣٨٥٢) وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢٠٤) : "هذا إسناد صحيح وله شواهد في صحيح مسلم وغيره من حديث أبي بن كعب".
(٢) في م: "تولوا"، وهو خطأ.
(٣) في ت، م، أ، هـ: "إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم"، والصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>