للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّجْمِ

وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أولُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدة: {والنَّجم} ، قَالَ: فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلَّا رَجُلًا رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَاب فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِل كَافِرًا، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَف (١) .

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طُرُقٍ، عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ، بِهِ (٢) . وَقَوْلُهُ فِي الْمُمْتَنِعِ: إِنَّهُ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مُشْكِلٌ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ أَنَّهُ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى (٤) } .

قَالَ الشَّعْبِيُّ وَغَيْرُهُ: الْخَالِقُ يُقسِم بِمَا شَاءَ مِنْ خَلْقه، وَالْمَخْلُوقُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقْسِمَ إِلَّا بِالْخَالِقِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} فَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: يَعْنِي بِالنَّجْمِ: الثُّريَّا إِذَا سَقَطَتْ مَعَ الْفَجْرِ. وَكَذَا رُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. وَزَعَمَ السُّدِّيُّ أَنَّهَا الزُّهْرَةُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} إِذَا رُمي بِهِ الشَّيَاطِينُ. وَهَذَا الْقَوْلُ لَهُ اتِّجَاهٌ.

وَرَوَى الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} يَعْنِي: الْقُرْآنُ إِذَا نَزَلَ. وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ. فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ. لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ. تَنزيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الْوَاقِعَةِ: ٧٥ -٨٠] .

وَقَوْلُهُ: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} هَذَا هُوَ الْمُقْسَمُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ لِلرَّسُولِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، بِأَنَّهُ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، لَيْسَ بِضَالٍّ، وَهُوَ: الْجَاهِلُ الَّذِي يسلك على غير طريق


(١) صحيح البخاري برقم (٤٨٦٣) .
(٢) صحيح البخاري برقم (١٠٧٠، ٣٨٥٣، ٣٩٧٢) وصحيح مسلم برقم (٥٧٦) وسنن أبي داود برقم (١٤٠٦) وسنن النسائي (٢/١٦٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>