للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٢) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٥) } .

يَقُولُ [تَعَالَى] (١) : {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ} يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ مَعَ مَا شَاكَلَهَا مِنَ الْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي مَعْنَاهَا، كَقَوْلِهِ: {وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} [الْحَاقَّةِ: ١٦] ، وَقَوْلِهِ: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنزلَ الْمَلائِكَةُ تَنزيلا} [الْفُرْقَانِ:٢٥] ، وَقَوْلِهِ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الِانْشِقَاقِ:١، ٢] .

وَقَوْلِهِ: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} أَيْ: تَذُوبُ كَمَا يَذُوبُ الدّرْدي وَالْفِضَّةُ فِي السَّبْكِ، وَتَتَلَوَّنُ كَمَا تَتَلَوَّنُ الْأَصْبَاغُ الَّتِي يُدْهَنُ بِهَا، فَتَارَةً حَمْرَاءَ وَصَفْرَاءَ وَزَرْقَاءَ وَخَضْرَاءَ، وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ الْأَمْرِ وَهَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْعَظِيمِ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَبُو غَالِبٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاءُ تَطِش عَلَيْهِمْ" (٢) .

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الطَّشُّ: الْمَطَرُ الضَّعِيفُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} ، قَالَ: هُوَ الْأَدِيمُ الْأَحْمَرُ. وَقَالَ أَبُو كُدَيْنة، عَنْ قَابُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ} : كَالْفَرَسِ الْوَرِدِ. وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَغَيَّرَ لَوْنُهَا. وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ: كالبِرْذَون الْوَرِدِ، ثُمَّ كَانَتْ بَعْدُ كَالدِّهَانِ.

وَحَكَى البَغَوي وَغَيْرُهُ: أَنَّ الْفَرَسَ الْوَرِدَ تَكُونُ فِي الرَّبِيعِ صَفْرَاءَ، وَفِي الشِّتَاءِ حَمْرَاءَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ اغْبَرَّ لَوْنُهَا.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: تَكُونُ أَلْوَانًا. وَقَالَ السُّدِّيُّ. تَكُونُ كَلَوْنِ الْبَغْلَةِ الْوَرِدَةِ، وَتَكُونُ كَالْمُهْلِ كَدُرْدِيِّ الزَّيْتَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {كَالدِّهَان} : كَأَلْوَانِ الدِّهَانِ. وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: كَلَوْنِ دُهْن الوَرْد فِي الصُّفْرَةِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْيَوْمَ خَضْرَاءُ، وَيَوْمَئِذٍ لَوْنُهَا إِلَى الْحُمْرَةِ يَوْمَ ذي ألوان. وقال أبو الجوزاء:


(١) زيادة من م.
(٢) المسند (٣/٢٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>