للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَفْسِيرُ سُورَةِ الْحَدِيدِ

وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّة بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَان، عن بن أَبِي بِلَالٍ، عَنْ عِرْبَاض بْنِ سَارِيَةَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ الْمُسَبِّحَاتِ قَبْلَ أَنْ يَرْقُدَ، وَقَالَ: "إِنَّ فِيهِنَّ آيَةً أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ آيَةٍ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ طُرُقٍ عَنْ بَقِيَّةَ، بِهِ (١) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي السَّرْحِ، عَنِ ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فَذَكَرُهُ مُرْسَلا لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بِلَالٍ، وَلَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ (٢)

وَالْآيَةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ هِيَ-وَاللَّهُ أَعْلَمُ-قَوْلُهُ: {هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ (٣)

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢) هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٣)

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ يُسَبِّحُ لَهُ مَا في السموات وَالْأَرْضِ أَيْ: مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَالنَّبَاتَاتِ، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الْإِسْرَاءِ: ٤٤] .

وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الْعَزِيزُ} أَيِ: الَّذِي قَدْ خَضَعَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ {الْحَكِيمُ} فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَشَرْعِهِ

{لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ} أَيْ: هُوَ الْمَالِكُ الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ فَيُحْيِي وَيُمِيتُ، وَيُعْطِي مَنْ يَشَاءُ مَا يَشَاءُ، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أَيْ: مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

وَقَوْلُهُ: {هُوَ الأوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا فِي حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: أَنَّهَا أَفْضَلُ من ألف آية.


(١) المسند (٤/١٢٨) وسنن أبي داود برقم (٥٠٥٧) وسنن الترمذي برقم (٣٤٠٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٠٢٦)
(٢) سنن النسائي الكبرى برقم (١٠٥٥١) .
(٣) في م، أ: "سيأتي بيانه قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>