للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، فَخَرَجَ النَّبَيُّ (١) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أخْرَجَهُ بِي مِنِ النَّارِ" أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ (٢) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ.

{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٢) }

هَذَا ذَمٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِأَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا ارْتَكَبُوهُ مِنَ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ فِي تَكْذِيبِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، الَّتِي بَلَّغَتْهُمْ إِيَّاهَا الرُّسُلُ، اسْتِكْبَارًا عَلَيْهِمْ وَعِنَادًا لَهُمْ، وَتَعَاظُمًا عَلَى الْحَقِّ وَاسْتِنْكَافًا عَنِ اتِّبَاعِهِ، وَمَعَ هَذَا قَتَلُوا مَنْ قَتَلُوا مِنَ النَّبِيِّينَ حِينَ بَلَّغُوهُمْ عَنِ اللَّهِ شَرْعَهُ، بِغَيْرِ سَبَبٍ وَلَا جَرِيمَةٍ مِنْهُمْ إِلَيْهِمْ، إِلَّا لِكَوْنِهِمْ دَعَوْهُمْ إِلَى الْحَقِّ {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} وَهَذَا هُوَ غَايَةُ الْكِبْرِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ (٣) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ وَغَمْط النَّاسِ".

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْر الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُسْلِمٍ النَّيْسَابُورِيُّ، نَزِيلُ مَكَّةَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ -يَعْنِي ابْنَ ثَابِتِ بْنِ زُرَارَةَ الْأَنْصَارِيَّ-حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ مَوْلًى لِبَنِي أَسَدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ الله، أي النَّاسِ أَشَدُّ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "رَجلٌ قَتَلَ نَبِيا أوْ مَنْ أَمَرَ بِالمْعْرُوفِ ونَهَى عَنِ المُنْكَر". ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ] } (٤) الْآيَةَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أبَا عُبَيَدَةَ، قَتَلَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ ثَلاثَةً وأَرْبَعين نَبيا، مِنْ أوَّلِ النّهَارِ فِي ساعةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَامَ مِائَة (٥) وسَبْعُونَ رَجُلا مِنْ بَني إسْرائيلَ، فأمَرُوا مَنْ قَتَلَهُم بالْمَعْرُوفِ ونَهَوْهُمْ عَنِ المنكرِ، فَقُتِلُوا جَمِيعًا مِنْ آخِرِ النَّهارِ مِنْ ذَلكَ اليَوْمِ، فَهُم الذِينَ ذَكَرَ اللهُ، عَزَّ وَجَلَّ".

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْوَصَّابِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ، عَنِ ابْنِ حُمَيْر، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مَوْلَى بَنِي أسد، عن مكحول، به (٦) .


(١) في جـ، ر، أ، و: "رسول الله".
(٢) المسند (٣/١٧٥) والبخاري برقم (١٣٥٦) .
(٣) في جـ، ر، أ، و: "رسول الله".
(٤) زيادة من جـ، ر، أ، و.
(٥) في جـ، ر، أ، و: "مائة رجل".
(٦) ابن أبي حاتم في تفسيره (١/١٦١) والطبري في تفسيره (٦/٢٨٥) وأبو عبيد الوصابي لم يدرك محمد بن حمير كما ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وقد توبع أبو عبيد، تابعه عبد الوهاب بن نجدة، فرواه البزار من طريق عبد الوهاب بن نجدة عن محمد ابن حمير به.
ثم قال البزار: لا نعلم له عن أبي عبيدة غير هذه الطريق، ولم نسمع أحدا سمى أبا الحسن هذا الذي روى عنه محمد بن حمير. وقال الحافظ ابن حجر: "فيه أبو الحسن مولى بني أسد وهو مجهول".

<<  <  ج: ص:  >  >>