للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما سئل عن رجل اقترض من رجل دراهم، ثم إنه استعار من المقرض دابته: ما اصاب من ظهر دابته فهو ربا. بأن مراد ابن مسعود بلفظة (الربا) هنا المعنى اللغوي الذي هو مجرد الزيادة.

فيمنعه ـ مع خلوه عن الفائدة ـ ما قرره الباجي في " المنتقى شرح الموطإ" جـ٥ ص٩٩: وهو أن المراد بقوله: (ربا) أنه من جملة الربا المنهي عنه، قال الباجي: لأن هذا اللفظ ـ أي لفظ (الربا) إذا أطلق في الشرع فظاهره الزيادة المننوعة، ولذلك قال الله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} (١) والبيع لا يخلو من الزيادة في الأغلب، ولكن لفظ الربا يختص بالممنوع. أهـ كلام الباجي.

ويشهد لما قرره الباجي ذكر مالك هذا الحديث في " الموطإ" تحت عنوان (ما لا يجوز من السلف) واستدلال أبي عبيد القاسم بن سلام به على أن ابن مسعود يمنع القرض الذي يجر نفعاً، كما في " السنن الكبرى" للبيهقي. وممن استدل به على التحريم ابن رشيد في " المقدمات " وابن تيمية في " إقامة الدليل، على إبطال التحليل " وابن القيم في " تهذيب سنن أبي داود " والخازن في " تفسيره".

وأما قول كاتب مقال الربا في أثر عبد الله بن سلام عند البخاري المتقدم: موقوف، متروك العمل به باتفاق الأئمة.

فالجواب عنه من ناحية الوقف ما ذكره الجصاص في " أحكام القرآن" في تسمية الصحابي الشيء باسم الربا أنه توقيفي، قال الجصاص: إذ لا يعرف ذلك ـ أي لفظ الربا ـ اسماً له من طريق اللغة، فلا يسمى به إلا من طريق الشرع، وأسماء الشرع توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم. أهـ قلت: ولعل هذا هو سبب تخريج


(١) سورة البقرة ـ آية ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>