للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَفْرَدَهَا بِالتَّأْلِيفِ. كَمَا أَنَّ الْقُرْطُبِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ أَلَّفَ فِيهَا، وَأَسَاسُ الْبَحْثِ يَدُورُ عَلَى نُقْطَتَيْنِ:

الأولى: تعْيين الْمِائَة اسْم الْوَارِدَة.

وَالثَّانِيَةُ: مَعْنَى أَحْصَاهَا، وَفِي رِوَايَةٍ حَفِظَهَا.

وَقَدْ حَضَرْتُ مَجْلِسًا لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ مَعَ الشَّيْخِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَازٍ وَسَأَلَهُ عَنِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ، فَكَانَ حَاصِلُ مَا ذَكَرَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَنَّ التَّعْيِينَ لَمْ يَأْتِ فِيهِ نَصٌّ صَحِيحٌ، وَأَنَّ الْإِحْصَاءَ أَوِ الْحِفْظَ لَا يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْحِفْظِ لِلْأَلْفَاظِ غَيْبًا، وَلَكِنْ يُحْمَلُ عَلَى: أَحْصَى مَعَانِيهَا، وَحَفِظَهَا مِنَ التَّحْرِيفِ فِيهَا وَالتَّبْدِيلِ وَالتَّعْطِيلِ، وَحَاوَلَ التَّخَلُّقَ بِحُسْنِ صِفَاتِهَا كَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ وَالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْكَرَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْحَذَرِ مِنْ مِثْلِ الْجَبَّارِ وَالْقَهَّارِ، وَمُرَاقَبَةِ مِثْلِ: الْحَسِيبِ الرَّقِيبِ، وَكَذَلِكَ التَّعَرُّضُ لِمِثْلِ التَّوَّابِ وَالْغَفُورِ بِالتَّوْبَةِ وَطَلَبِ الْمَغْفِرَةِ، وَالْهَادِي وَالرَّزَّاقِ بِطَلَبِ الْهِدَايَةِ وَالرِّزْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (فَادْعُوهُ بِهَا) أَيْ اطْلُبُوا مِنْهُ بِأَسْمَائِهِ؛ فَيُطْلَبُ بِكُلِّ اسْمٍ مَا يَلِيق بِهِ، تَقول: يَا رَحِيم ارْحَمْنِي، يَا رَازِق ارْزُقْنِي، يَا هَادِي اهْدِنِي، يَا تَوَّابُ تُبْ عَليّ؛ هَكَذَا رتب دعاءك تكن من المخلصين. اهـ] (١) .

معنى النسْيَان الْمَنْفِيّ والمثبت لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:

قَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) ، وَقَوْلُهُ: (فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ) ، وَقَوْلُهُ: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ) ، وَفِي هَذَا نِسْبَةُ النِّسْيَانِ إِلَى


(١) - ٨ / ١١٧: ١٢٠، الْحَشْر / ٢٢: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>