للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاب: تَوْحِيد الْقَصْد والطلب (تَوْحِيد الألوهية)

فصل: تَوْحِيد الله عز وَجل فِي الْعِبَادَة

... [قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أَشَارَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ إِلَى تَحْقِيقِ مَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ: نَفْيٌ وَإِثْبَاتٌ.

فَالنَّفْيُ: خَلْعُ جَمِيعِ الْمَعْبُودَاتِ غَيْرِ اللَّه تَعَالَى فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، وَالْإِثْبَاتُ: إِفْرَادُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَحْدَهُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ. وَقَدْ أَشَارَ إِلَى النَّفْيِ مِنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه بِتَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ الَّذِي هُوَ {إِيَّاكَ} وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، فِي مَبْحَثِ دَلِيلِ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ مَفْهُوم الْمُخَالفَة، وَفِي الْمعَانِي فِي مَبْحَث الْقصر: أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ مِنْ صِيَغِ الْحَصْرِ. وَأَشَارَ إِلَى الْإِثْبَاتِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: {نَعْبُدُ} .

وَقَدْ بَيَّنَ مَعْنَاهَا الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُنَا مُفَصَّلًا فِي آيَاتٍ أُخر كَقَوْلِه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ} ، فَصَرَّحَ بِالْإِثْبَاتِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: {اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ} ، وَصَرَّحَ بِالنَّفْيِ مِنْهَا فِي آخِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِقَوْلِهِ: {فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} ، وَكَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الْطَّاغُوتَ} ، فَصَرَّحَ بِالْإِثْبَاتِ بِقَوْلِهِ: {أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ} وَبِالنَّفْيِ بِقَوْلِهِ: {وَاجْتَنِبُواْ الْطَّاغُوتَ} ، وَكَقَوْلِهِ: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} ، فَصَرَّحَ بِالنَّفْيِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} ، وَبِالْإِثْبَاتِ بِقَوْلِهِ: {وَيُؤْمِن بِاللَّهِ} ؛ وَكَقَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالَ إِبْراهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِى بَرَاء مّمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>