للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآتَيْنَاهُ الإنجِيلَ} .] (١) .

وَقَالَ أَيْضا: [قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} الظَّاهِر فِي مَعْنَاهُ: أَنَّ الْفُرْقَانَ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي أُوتِيَهُ مُوسَى، وَأَنَّمَا عَطَفَ عَلَى نَفْسِهِ؛ تَنْزِيلًا لِتَغَايُرِ الصِّفَاتِ مَنْزِلَةَ تَغَايُرِ الذَّوَاتِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ الَّذِي هُوَ التَّوْرَاةُ مَوْصُوفٌ بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَكْتُوبٌ كَتَبَهُ اللَّه لِنَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ فُرْقَانٌ أَيْ فَارَقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَعَطَفَ الْفُرْقَانَ عَلَى الْكِتَابِ، مَعَ أَنَّهُ هُوَ نَفْسُهُ نَظَرًا لتغاير الصفتين، كَقَوْل الشَّاعِرِ:

إِلَى الْمَلِكِ الْقِرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ ... وَلَيْثِ الكتيبة فِي المزدحم

ثمَّ قَالَ: وَالدَّلِيل من القرءان عَلَى أَنَّ الْفُرْقَانَ هُوَ مَا أُوتِيَهُ مُوسَى، قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ} .] (٢) .

وَقَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [وَجَاءَ عِنْدَ الْقُرْطُبِيِّ: أَنَّ صُحُفَ إِبْرَاهِيمَ كَانَتْ أَمْثَالًا، وَصُحُفَ مُوسَى كَانَتْ مَوَاعِظَ، وَذَكَرَ نَمَاذِجَ لَهَا.

وَعِنْدَ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَمْ أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ؟ فَقَالَ: مِائَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ عَلَى آدَمَ عَشْرَ صُحُفٍ، وَعَلَى شِيثَ خَمْسِينَ صَحِيفَةً: وَعَلَى إِدْرِيسَ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً، وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ عشر صَحَائِف والتوراة وَالْإِنْجِيل وَالزَّبُور وَالْفرْقَان» (٣) .


(١) - ١/٧٤، الْبَقَرَة / ١٣٦.
(٢) - ١/٦٦، الْبَقَرَة/٣٣.
(٣) - أخرجه ابْن حبَان فِي "صَحِيحه" (٢/٧٦) (٣٦١) ، وَأَبُو نعيم فِي الْحِلْية (١/١٦٦) من طَرِيق إِبْرَاهِيم بن هِشَام بن يحيى بن يحيى الغساني عَن أَبِيه عَن جده عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن أبي ذَر مطولا، الحَدِيث وَإِسْنَاده ضَعِيف جدا فإبراهيم بن هِشَام بن يحيى بن يحيى الغساني فال عَنهُ أَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة: كَذَّاب، وَقَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ: مَتْرُوك. إِلَّا أَن الشَّيْخ الألباني - رَحمَه الله - فِي الصَّحِيحَة (٦/٣٦١ - ٣٦٤) ذكر لَهُ متابعات عِنْد أبي نعيم وَلم يسق لَفظهَا، وَمَال إِلَى تَقْوِيَة الحَدِيث بِطُولِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>