للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ مَبْحَثٌ أُصُولِيٌّ لِعُلَمَاءِ الْأُصُولِ فِيهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ وَاخْتِلَافٌ مَعْرُوفٌ، وَسَنَذْكُرُ هُنَا طَرَفًا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْأُصُولِ فِي ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي الْأُصُولِ: مَسْأَلَةٌ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ مَعْصية. وَخَالَفَ الرَّوَافِضُ، وَخَالَفَ الْمُعْتَزِلَةُ إِلَّا فِي الصَّغَائِرِ، وَمُعْتَمَدُهُمُ التَّقْبِيحُ الْعَقْلِيُّ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ بَعْدَ الرِّسَالَةِ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ فِي الْأَحْكَامِ؛ لِدَلَالَةِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى الصِّدْقِ، وجوَّزه الْقَاضِي غَلَطًا وَقَالَ: دَلَّتْ عَلَى الصِّدْقِ اعْتِقَادًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِن الْمَعَاصِي فَالْإِجْمَاعُ عَلَى عِصْمَتِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ الْخَسِيسَةِ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى جَوَازِ غَيْرِهِمَا. اهـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ.

وَحَاصِلُ كَلَامِهِ: عِصَمَتُهُمْ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَمِنْ صَغَائِرِ الخِسّة دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّغَائِرِ.

وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَلَوِيُّ الشَّنْقِيطِيُّ فِي (نَشْرِ الْبُنُودِ شَرْحِ مَرَاقِي السُّعُودِ) فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ:

وَالْأَنْبِيَاءُ عُصِموا مِمَّا نَهَوْا ... عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ تَفُكُّهٌ

بِجَائِزٍ بَلْ ذَاكَ لِلتشريع ... أَوْ نِيَّةِ الزُّلْفَى مِنَ الرَّفِيعِ

مَا نَصُّهُ: فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْمِلَلِ وَالشَّرَائِعِ كُلِّهَا عَلَى وُجُوبِ عِصْمَتِهِمْ مِنْ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ فِيمَا دَلَّ الْمُعْجِزُ الْقَاطِعُ عَلَى صِدْقِهِمْ فِيهِ، كَدَعْوَى الرسَالَة، وَمَا يبلغونه عَن الله تَعَالَى الْخَلَائق، وَصُدُورُ الْكَذِبِ عَنْهُمْ فِيمَا ذَكَرَ سَهْوًا أَوْ نِسْيَانًا مَنَعَهُ الْأَكْثَرُونَ وَمَا سِوَى الْكَذِبِ فِي التَّبْلِيغِ، فَإِنْ كَانَ كُفراً فَقَدْ أَجْمَعَتِ الأُمَّة عَلَى عِصْمَتِهم مِنْهُ قَبْلَ النبُوَّة وَبَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى عِصْمَتهم مِن الْكَبَائِرِ عَمداً، وَمُخَالِفُ الْجُمْهُورِ الْحَشْوِيَّةُ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْحَقِّ: هَلِ الْمَانِعُ لِوقوع الْكَبَائِرِ مِنْهم عَمْداً الْعَقْلُ أَوِ السَّمْعُ؟ وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَالْعَقْلُ، وَإِنْ كَانَ سَهْوًا فَالْمُخْتَارُ العِصْمة مِنْهَا. وَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>