للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَلْوَانِهِنَّ وَبَيَاضَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ} ، وَقَوله تَعَالَى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} ، وصافتهن كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّه أَثْنَى عَلَيْهِنَّ بِنَوْعَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَصْرِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُنَّ {قَاصِراتُ الطَّرْفِ} ، وَالطَّرْفُ الْعَيْنُ، وَهُوَ لَا يُجْمَعُ وَلَا يُثَنَّى لِأَنَّ أَصْلَهُ مَصْدَرٌ، وَلم يأتِ فِي القرءان إِلَّا مُفْرَدًا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىّ} ، وَمَعْنَى كَوْنِهِنَّ {قَاصِراتُ الطَّرْفِ} هُوَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهُنَّ لَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ بِخِلَافِ نِسَاءِ الدُّنْيَا.

وَالثَّانِي مِنْ نَوْعَيِ الْقَصْرِ: كَوْنُهُنَّ مَقْصُورَاتٌ فِي خِيَامِهِنَّ، لَا يَخْرُجْنَ مِنْهَا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى لأَزواج نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ} ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {حُورٌ مَّقْصُوراتٌ فِى الْخِيَامِ} ، وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ مَقْصُورَةٌ فِي بَيْتِهَا لَا تَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ صِفَاتِهَا الْجَمِيلَةِ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

مَنْ كَانَ حَرْبًا لِلنِّسَاءِ ... فَإِنَّنِي سِلْمٌ لَهُنَّهْ

فَإِذَا عَثَرْنَ دَعَوْنَنِي ... وَإِذَا عَثَرْتُ دَعُوتُهُنَّهْ

وَإِذَا بَرَزْنَ لِمَحْفِلٍ ... فَقِصَارُهُنَّ مِلَاحُهُنَّهْ

فَقَوْلُهُ:

قِصَارُهُنَّ، يَعْنِي: الْمَقْصُورَاتِ مِنْهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ اللَّاتِي لَا يَخْرُجْنَ إِلَّا نَادِرًا، كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ فِي قَوْلِهِ:

وَأَنْتِ الَّتِي حَبَّبْتِ كُلَّ قَصِيرَةٍ ... إِلَيَّ وَمَا تَدْرِي بِذَاكَ الْقَصَائِرُ

عَنَيْتُ قَصِيرَاتِ الْحِجَالِ وَلَمْ أُرِدْ ... قِصَارَ الْخُطَا شَرُّ النِّسَاءِ الْبَحَاتِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>