للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشِّيعَة

قَالَ صَاحب التَّتِمَّة - رَحمَه الله -: [ذَكَرَ الْأَلُوسِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانصَبْ} قِرَاءَةً شَاذَّةً بِكَسْرِ الصَّادِ، وَأَخَذَهَا الشِّيعَةُ عَلَى الْفَرَاغِ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَنَصْبِ عَلِيٍّ إِمَامًا، وَقَالَ: لَيْسَ الْأَمْرُ مُتَعَيِّنًا بِعَلِيٍّ فالسُّني يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ: فَانْصَبْ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنِ احْتَجَّ الشِّيعِيُّ بِمَا كَانَ فِي غَدِيرِ خُمٍّ (١) ، احْتَجَّ السُّنِّيُّ بِأَنَّ وَقْتَهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الْفَرَاغِ مِنَ النُّبُوَّةِ.

بَلَى إِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُروا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» (٢) كَانَ بَعْدَهُ، وَفِي قُرْبِ فَرَاغِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النُّبُوَّةِ، إِذْ كَانَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ.

فَإِنِ احْتَجَّ الشِّيعِيُّ بِالْفَرَاغِ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، رَدَّهُ السُّنِّيُّ بِأَنَّ الْآيَةَ قَبْلَ ذَلِكَ. انْتَهَى.

وَعَلَى كُلٍّ إِذَا كَانَ الشِّيعَةُ يَحْتَجُّونَ بِهَا، فَيَكْفِي لِرَدِّ احْتِجَاجِهِمْ أَنَّهَا شَاذَّةٌ، وَتَتَبُّعُ الشَّوَاذِّ قَرِيبٌ مِنَ التَّأْوِيلِ الْمُسَمَّى بِاللَّعِبِ عِنْدَ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ، وَهُوَ صَرْفُ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ، لَا لِقَرِينَةٍ صَارِفَةٍ وَلَا عَلَاقَةٍ رَابِطَةٍ.] (٣) .


(١) - قصَّة غَدِير خُم، وَالَّتِي يتخذها الرافضة أساساً يعتمدون عَلَيْهِ فِي تشيعهم من جِهَة وفِي أحقية عَليّ بالخلافة من جِهَة أُخْرَى، وغَديرُ خُم هُوَ: مَوضِع بَين مَكَّة والْمَدِينَة، وَهُوَ وَاد عِنْد الْجحْفَة بِهِ غَدِير، يَقع شَرق رابغ، ويسمونه الْيَوْم الغربة، وخم اسْم رجل صباغ نسب إِلَيْهِ الغدير، والغدير هُوَ: مستنقع من مَاء الْمَطَر. وَمن شَاءَ الْوُقُوف على تفاصيل هَذِه الْقِصَّة وَكَلَام الْعلمَاء عَلَيْهَا فَليُرَاجع موَاضعه فِي منهاج السّنة النَّبَوِيَّة لشيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية والعواصم من القواصم لِابْنِ الْعَرَبِيّ.
(٢) - أخرجه البُخَارِيّ (١/٢٤٣) (٦٥٥) ، وَمُسلم (١/٣١١) (٤١٨) من حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -.
(٣) - ٩/٣١٩ - ٣٢٠، الشَّرْح ٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>