للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= قال أبو داود: "وهذا يضعف حديث همام".
وليس المراد ضعفه من حيث الصحة، وإلا فحديث همام بلا شك أصح؛ لأنه - على الأقل - صريح في الرفع. ولكنه يريد - كما قال ابن حجر -: كما قال ابن حجر: -: أنه يُضَعِّف حمله على التعميم؛ أي ليست عبارة "وما أنفقت من غير أمره" على عمومها، وإنما هي خاصة بإنفاقها من نفقتها؛ كما يدل على ذلك هذا الحديث.
على أنه قد ورد من الأحاديث مايدل ظاهره على التعارض بينه وبين هذا الحديث؛ ومن ذلك ما رواه أبو داود بسنده عن سعد (ابن أبي وقاص) قال: لما بايع رسول الله النساء قامت امرأة جليلة كأنها من نساء مضر، فقالت: يانبي الله، إنا كُلٌّ على آبائنا - قال أبو داود: وأرى فيه: وأزواجنا - فما يحل لنا من أموالهم؟ فقال: الرَّطْبُ تأكلنه وتهدينه.
وأخرج الترمذى وابن ماجه عن أمامة الباهلى قال: سمعت رسول الله في خطبة الوداع يقول: لا تنفق امرأة شيئًا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها. قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ قال: ذاك أفضل أموالنا.
إذا كان ظاهر هذين الحديثين التعارض مع حديثنا فإنه يمكن الجمع بأن المراد بالحديث الذي معنا ما يتسارع إليه الفساد من الطعام. أما غيره فلا يكون الإنفاق منه إلا بإذن الزوج.
وقد ذكر الحافظ العراقي كلامًا طيبا في الجمع بين الأحاديث المختلفة التي وردت في هذا الموضوع، قال: وكيفية الجمع بينها أن ذلك يختلف باختلاف عادات البلاد، وباختلاف حال الزوج في مسامحته بذلك، وكراهته له، وباختلاف الحال في الشيء المنفق بين أن يكون شيئًا يسيرًا يتسامح به، وبين أن يكون له خطر في النفس يبخل بمثله، وبين أن يكون رطبا يخشى فساده إن تأخر، وبين أن يكون يدخر ولا يخشى عليه.
واستشهد بقول الخطابي عقب حديث عائشة: "إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة": هذا الكلام خارج على عادة الناس بالحجاز، وبغيرها من البلدان، في أن رب المال قد يأذن لأهله ولعياله، وللخادم في الإنفاق بما يكون في البيت من طعام وإدام ونحوه، ويطلق أمرهم في الصدقة منه، إذا حضرهم السائل، ونزل بهم الضيف، فحضهم رسول الله على لزوم هذه العادة، واستدامة ذلك الصنيع، ووعدهم الأجر والثواب عليه" … وليس ذلك بأن تفتات المرأة أو الخازن على رب البيت بشيء لم يؤذن لهما فيه، ولم يطلق لهما الإنفاق منه، بل يُخاف أن يكونا آثمين إن فعلا. كما استشهد بكلام لابن العربى والمنذرى لا يخرج عن هذا.
(٥) - فإن نصف أجره له: أي والنصف الآخر لها، ويدل لذلك قوله في رواية أبي داود: "فلها نصف أجره، فحصل من مجموع الروايتين أنه بينهما نصفين. ويوافق ذلك مافي صحيح مسلم، عن عمير مولى آبي اللحم قال: أمرنى مولاى أن أقدد لحمًا، فجاءني مسكين، فأطعمته منه، فعلم =