للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

* * *


= بذلك مولاى فضربني، فأتيت رسول الله فذكرت ذلك له، فدعاه، فقال: لم ضربته؟ فقال: يعطى طعامى بغير أن آمره، فقال: الأجر بينكما.
وهذه المناصفة ليست على حقيقتها وظاهرها، بل المراد أن لهذا ثوابا ولهذا ثوابا، وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل قد يكون ثواب هذا أكثر، وقد يكون عكسه، وقوله هنا "نصفان" معناه: قسمان، وإن كان أحدهما أكثر، كما قال الشاعر:
إذا مت كان الناس نصفان بيننا
شامِت وآخر مُثْن بالذي كنت أصنع
فإذا أعطى المالك لخازنه، أو امرأته، أو غيرهما مائة درهم، أو نحوها ليوصلها إلى مستحق الصدقة على باب داره أو نحوه فأجر المالك أكثر. وإن أعطاه رمانة أو رغيفًا ونحوهما حيث ليس له كبير قيمة؛ ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة بحيث يقابل مشى الذاهب إليه بأجرة تزيد على الرمانة والرغيف فأجر الوكيل أكثر، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلا، فيكون مقدار الأجر سواء.
قال النووى: وأشار القاضي إلى أنه يحتمل أيضًا أن يكون سواء؛ لأن الأجر فَضْلٌ من الله تعالى يؤتيه من يشاء، ولا يدرك بقياس، ولا هو بحسب الأعمال، بل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وعلى الرغم من وجاهة هذا الرأى إلا أن النووى رجح المعنى الأول، قال: والمختار الأول. والله أعلم.