للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"رحم الله عمر ما كذب؛ ولكنه أخطأ أو نسى" (١).

وهذا مردود، ولم تقل ذلك إلا لابن عمر على ما سيأتي.

قال النووى في تهذيبه: "ولا شك في غلط الغزالى في هذا، ولا عذر له ولا تأويل" (٢).

قلت: بلى له العذر في التأويل؛ أَخرج مسلم عن ابن أبي مليكة: فذُكر ذلك لعائشة فقالت: أما والله ما عرفونى هذا الحديث عن كاذِبَيْن ولا مُكَذَّبَيْن، ولكن السمع يخطئ (٣). وقد (٤) ذكره أبو البغدادي في كتابه (٥).


= من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج به.
(١) الوسيط في المذهب للغزالي (٢/ ٣٩٤) في كتاب الجنائز - القول في التعزية والبكاء.
وبقية كلامه: "إنما مر رسول الله Object على يهودية ماتت ابنتها، وهى تبكى، فقال Object: إنهم يبكون عليها، وإنها تعذب في قبرها".
(٢) تهذيب الأسماء واللغات للنووى (٢/ ٣٢٧)، قال النووى:
"في الوسيط، في آخر باب التعزية: فإن قيل: أليس قال: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه، هكذا رواه عمر، قلنا: قال ابن عمر: ما قال رسول الله Object هذا، إنما قال: يزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه، حسبكم قوله تعالى: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ وقالت عائشة Object: ما كذب عمر، ولكنه أخطأ ونسى، إنما مر رسول الله Object على يهودية ماتت ابنتها … إلى آخره".
قال النووى: هكذا وقع هذا كله في الوسيط في جميع النسخ، وفيه غلطان فاحشان، لا شك فيهما: أحدهما قوله في الأول: "قال ابن عمر" صوابه: قالت عائشة، فهى التي أنكرت على عمر، ولم ينكر عليه ابن عمر، بل روى مثله في الصحيحين من طرق. والثانى قوله: "وقالت عائشة: ما كذب عمر، وصوابه: ما كذب ابن عمر".
"هكذا ثبت الحديثان في الصحيحين وغيرهما، كما ذكرت صوابه، ولا شك في غلط الغزالى فيهما، ولا عذر له فيهما ولا تأويل".
هذا وقضية البكاء على الميت، وهل يُعذب بهذا البكاء أو لا يعذب سيتعرض لها المصنف مرة أخرى عندما يعرض لاستدراك السيدة عائشة على ابن عمر - Object.
هذا وسنعرض للروايات الأخرى - إن شاء الله Object بشيء من التفصيل ووجهة النظر المقابلة لما رأته السيدة عائشة Object ما يبين منها أن ما ما ذهبت إليه هو صحيح، وما ذهب إليه جماعة من الصحابة ورووه هو صحيح أيضًا، ويمكن الجمع بين الروايات التي ظاهرها التعارض، وقد أشار المصنف إلى ذلك هناك. [وانظر كتاب توثيق عائشة للسنة. ص: (١٢٦ - ١٣١)].
(٣) م: (٢/ ٦٤١) في الكتاب والباب السابقين.
من طريق إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن القاسم بن محمد، عن عائشة به. رقم: (٩٢٩).
(٤) في المطبوعة: "وهل ذكره" وهو خطأ.
(٥) استدراك أم المؤمنين عائشة: (ص: ٧٣ رقم: ٣٢).