للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا محكماً في دين ربه، وها أنتم تعلمون ما حدث، والله يقول: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً} ١، فكل أجاب وبايع.

فوجه إليهم علي بن أبي طالب عبد الله بن العباس داعياً، فأبوا، فسار إليهم، فقال له عفيف بن قيس: يا أمير المؤمنين، لا تخرج في هذه الساعة؛ فإنها ساعة نحس لعدوك عليك؛ فقال له علي: توكلت على الله وحده، وعصيت رأي كل متكهن. أنت تزعم أنك تعرف وقت الظفر من وقت الخذلان، {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٢، ثم سار إليهم فطحنهم جميعاً، لم يفلت منهم إلا خمسة، منهم المستورد، وابن جوين الطائي، وفروة بن شريك الأشجعي، وهم الذين ذكرهم الحسن البصري، فقال: دعاهم إلى دين الله فجعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً، فسار إليهم أبو حسن فطحنهم طحناً.

وفيهم يقول عمران بن حطان:

إني أدين بما دان الشراة به ... يوم النخيلة عند الجوسق الخرب٣

وقال الحميري يعارض هذا المذهب:

إني أدين بما دان الوصي به ... يوم النخيلة من قتل المحلينا

وبالذي دان يوم النهر دنت به ... وشاركت كفه كفي بصفينا

تلك الدماء معاً يا رب في عنقي ... ومثلها فاسقني آمين آمينا


١ سورة النساء ٩٥.
٢ سورة هود ٥٦.
٣ الجوسق الخرب: بظاهر الكوفة عند النخيلة, والبيت في معجم البلدان "١٧:٣" من أبيات نسبها إلى قيس بن الأصم الضبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>