للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلبه ممن تغيب منهم. فجعل عبيد الله بن أبي بكرة يتتبعهم فيأخذهم، فإذا شفع إليه في أحد منهم كفله إلى أن يقدم ابن زياد، حتى أتي بعروة بن أدية فأطلقه، وقال: أنا كفيلك. فلما قدم عبيد الله بن زياد أخذ من في الحبس١ منهم فقتلهم جميعاً. وطلب الكفلاء بمن كفلوا به منهم، فكل من جاءه بصاحبه أطلقه، وقتل الخارجي، ومن لم يأت بمن كفل به منهم قتله، ثم قال لعبيد الله بن أبي بكرة: هات عروة بن أدية، قال: لا أقدر عليه، قال: إذاً والله أقتلك فإنك كفيله، فلم يزل يطلبه حتى دل عليه في سرب٢ العلاء بن سوية المنقري، فكتب بذلك إلى عبيدة الله بن زياد. فقرأ عليه الكاتب: إنا أصبناه في شرب فتهانف به عبيد الله بن زياد، وكان كثير المحاورة، عاشقاً للكلام الجيد، مستحسناً للصواب منه؛ لا يزال يبحث عن عذره، فإذا سمع الكلمة الجيدة عرج عليها. ويروى أنه قال في عقب مقتل الحسين بن علي عليه السلام لزينب بنت علي رحمهما الله - وكانت أسن من حمل إليه منهن، وقد كلمته فأفصحت وأبلغت، وأخذت من الحجة - فقال لها: إن تكوني بلغت في الحجة حاجتك فقد كان أبوك خطيباً وشاعراً، فقالت: ما للنساء والشعر٣! وكان مع هذا ألكن يرتضخ٤ لغة فارسية. وقال لرجل مرة، واتهمه برأي الخوارج: أهروري منذ اليوم! رجع الحديث: فقال للكاتب: صحفت والله ولؤمت، إنما هو "في سرب العلاء بن سوية". ولوددت أنه كان ممن يشرب النبيذ.

فلما أقيم عروة بن أدية بين يديه حاوره. وقد اختلف في خبره٥. وأصحه عندنا أنه قال: لقد٦ جهزت أخاك علي. فقال: والله لقد كنت به ضنيناً، وكان لي عزاً، ولقد أردت له ما أريد٧ لنفسي، فعزم عزما فمضى عليه، وما


١ ر: "السجن".
٢ السرب: الطريق والمسلك.
٣ س: "وللشعر".
٤ يرتضخ: يميل إليها في نطقه.
٥ ر: "وقد اختلف الناس في خبره".
٦ كلمة "لقد" ساقطة من ر.
٧ ر: "مأريده".

<<  <  ج: ص:  >  >>