للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصين، وقد عرفتم مالي ووفائي، من أتى برأس الحجاج فله مائة ألف، فقال الحجاج، فوالله١ لقد تركني أكثر التلفت وإني لبين خاصتي. فأتى به الحجاج فقال له: أأنت الجاعل في رأس أميرك مائة ألف درهم٢ ? قال: قد فعلت، فقال: والله لأمهدنك٣ ثم لأحملنك؛ أين المال? قال: عندي فهل إلى الحياة من سبيل? قال: لا، قال: فأخرجني إلى الناس حتى أجمع لك المال فلعل قلبك يرق علي! ففعل الحجاج، فخرج فيروز فأحل الناس من ودائعه، وأعتق رقيقه، وتصدق بماله، ثم رد إلى الحجاج فقال: شأنك الآن فاصنع ما شئت، فشد في القصب الفارسي، ثم سل حتى شرح، ثم نضح بالخل والملح، فما تأوه حتى مات.

قال أبو العباس: ومضى قطري إلى كرمان، فانصرف خالد إلى البصرة، فأقام قطري بكرمان أشهراً، ثم عمد لفارس، وخرج خالد إلى الأهواز، وندب للناس رجلاً، فجعلوا يطلبون المهلب، فقال خالد: ذهب المهلب بحظ هذا المصر، إني قد وليت أخي قتال الأزارقة، فولى أخاه عبد العزيز، واستخلف المهلب على الأهواز في ثلثمائة، ومضى عبد العزيز في ثلاثين ألفاً، والخوارج بدراب جرد، فجعل عبد العزيز يقول في طريقه: يزعم أهل البصرة أن هذا الأمر لا يتم إلا بالمهلب، فسيعلمون! قال صعب بن زيد: فلما خرج عبد العزيز عن الأهواز جاءني كردوس حاجب المهلب فقال: أجب الأمير، فجئت إلى المهلب وهو في سطح وعليه ثياب هروية، فقال: يا صعب، أنا ضائع، كأني أنظر إلى هزيمة عبد العزيز، وأخشى أن توافيني الأزارقة ولا جند معي، فابعث رجلاً م قبلك يأتيني بخبرهم سابقاً به إلي، فوجهت رجلاً يقال له عمران بن فلان، فقلت: اصحب عسكر عبد العزيز واكتب إلي بخبر يوم يوم، أورده على المهلب.

فلما قاربهم عبد العزيز وقف وقفة، فقال له الناس: هذا يوم صالح، فينبغي أن تنزل٤ - أيها الأمير - حتى نطمئن ثم نأخذ أهبتنا، فقال: كلا، الأمر قريب،


١ ر: والله.
٢ ساقطة من ر.
٣ لأمهدانك. من مهدت الفراش مهدا. بسطة ووطأته. يريد لأجعلنك طريحا كالفراش الممهود. قاله المرصفي.
٤ ر: "تترك".

<<  <  ج: ص:  >  >>