للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستشهد جساءه، فقال له١ الحجاج: إن عذرك لواضح، وإن ضعفك لبين ولكني أكره أن يجترئ بك الناس علي. وبعد فأنت ابن ضابئ صاحب عثمان، ثم أمر به فقتل، فاحتمل الناس، وإن أحدهم ليتبع بزاده وسلاحه، ففي ذلك يقول ابن الزبير الأسدي:

أقول لعبد الله يوم لقيته ... أرى الأمر أمسى منصباً متشعبا

تخير فإما أن تزور ابن ضابئ ... عميراً وإما أن تزور المهلبا

هما خطتا خسف نجاؤك منهما ... ركوبك حوليا من الثلج أشهبا

فما إن أرى الحجاج يغمد سيفه ... يد الدهر حتى يترك الطفل أشيبا

فأضحى ولو كانت خراسان دونه ... رآها مكان السوق أو هي أقربا

وهرب سوار بن المضرب السعدي من الحجاج وقال:

أقاتلي الحجاج إن لم أزر له ... دراب وأترك عند هند فؤاديا

وقد مرت هذه الأبيات.

وخرج الناس عن الكوفة، وأتى الحجاج البصرة، فكان عليهم أشد إلحاحاً٢ وقد كان أتاهم خبره بالكوفة، فتحمل الناس قبل قدومه، فأتاه رجل م بني يشكر، وكن شيخاً كبيراً أعور، وكان يجعل على عينه العوراء صوفة، فكان يلقب ذا الكرسفة، فقال: أصلح الله الأمير! إن بي فتقاً، وقد عذرني بشر، وقد رددت العطاء، فقال: إنك عندي لصادق، ثم أمر به فضربت عنقه، ففي ذلك يقول كعب، الأشقري أو الفرزدق:

لقد ضرب الحجاج بالمصر ضربة ... تقرقر منها بطن كل غريف

ويروى عن ابن ميرة قال: إنا لنتغدى معه يوماً إذ جاء رجل من بني سليم برجل قوده، فقال: أصلح الله الأمير! إن هذا عاص، فقال له الرجل: أنشدك الله أيها الأمير في دمي، فوالله ما قبضت ديواناً قط، ولا شهدت عسكراً، وإني لحائك أخذت من تحت الحف٣، فقال: اضربوا عنقه، فلما أحس بالسيف سجد،


١ ساقطة من ر.
٢ ر: "حاء".
٣ الحف: المنسج.

<<  <  ج: ص:  >  >>