للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعزى رجل رجلاً عن ابنه فقال: أكان يغيب عنك? قال: كانت غيبته أكثر من حضوره، قال: فأنزله غائباً عنك، فإنه إن لم يقدم عليك قدمت عليه.

وقال إبراهيم بن المهدي يذكر ابنه:

وإني وإن قدمت قبلي لعالم ... بأني وإن أبطأت عنك قريب١

وإن صباحاً نلتقي في مسائه ... صباح إلى قلبي الغداة خبيب

وكفى باليأس معزياً، وبانقطاع الطمع زاجراً! كما قال الشاعر:

أيا عمرو لم أصبر ولي فيك حيلة ... ولكن دعاني اليأس منك إلى الصبر

تصبرت مغلوباً وإني لموجع ... كما صبر العطشان في البلد القفر

وقال بعض المحدثين وليس بناقصه حظه من الصواب أنه محدث، يقوله لرجل رثاه [قال أبو الحسن: وهو أبو تمام] :

عجبت لصبري بعده وهو ميت ... وقد كنت أبكيه دماً وهو غائب

على أنها الأيام قد صرن كلها ... عجائب حتى ليس فيها عجائب

وحدثت أن عمر بن عبد العزيز لما مات ابنه عبد الملك خطب الناس فقال: الحمد لله الذي جعل الموت حتماً واجباً على عباده، فسوى فيه بين ضعيفهم وقويهم، ورفيعهم ودنيهم، فقال عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} ٢ فليعلم ذوو النهي منهم أنهم صائرون إلى قبورهم، مفردون بأعمالهم. واعلموا أن لله


١ ر: "منك".
٢ سورة آل عمران ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>