للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب]

[أبو رافع مولى الرسول عليه السلام]

قال أبو العباس: قال الليثيّ١: اعتق سعيد بن العاصي أبا رافع إلا سهماً واحداً فيه، من أسهم لم يسمّ عددها لنا، فاشترى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك السهم فاعتقه. وكان لأبي رافع بنون أشراف، منهم عبيد الله بن رافع، وحديثه أثبت الحديث عليّ بن أبي طالب، وكان كالكاتب له، وكان عبيد الله بن أبي رافع شريفاً، وكان عبيد الله ينسب إلى ولاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما ولي عمرو بن سعيد الأشدق المدينة لم يعمل شيئاً قبل إرساله إلى عبيد الله بن أبي رافع، فقال له: مولى من أنت? فقال: مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأبرزه فضربه مائة سوطٍ، ثم قال له: مولى من أنت? فقال: مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فضربه مائة أخرى. فلما رأى عبد الله غير راجع، وأن عمراً قد ألحّ عليه في ضربه، قام إلى عمروٍ فقال له: اذكر الملح، فأمسك عنه. والملح ههنا اللّبن، يريد الرّضاع، كما قال أبو الطّمحان القينيّ:

وإنّي لأرجو ملحها في بطونكم ... وما بسطت من جلد أشعث أغبرا ٢

[كذا وقعت الرواية، والصواب "أغبر" لأن قبله:

ولو علمت صرف البيوع لسرّها ... بمكّة أن تبتاع حمضاً بإذخر٣

قاله ش] .

وكما قال الآخر٤:

لا يبعد الله ربّ العباد ... والملح ما ولدت خالده


١ زيادات ر: "هو الجاحظ".
٢ الخبر في الإصابة ٦٤:٧ "كان أبو رافع عبدا لسعيد بن العاصي، فأعتق كل من بنيه نصيبه منه إلا خالد ابن سعيد، فإنه وهب نصيبه للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعتقه، فكان يقول: أنا مولى رسول الله".
٣ الإذخر: حشيش طيب الريح، واحدته إذخرة.
٤ نقل المرصفى عن ابن الأعرابي أنه الحارث بن عمرو الفزارى، وعن المفضل، هو شتيم بن خويلد الفزارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>