للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا وقعت الرواية بضم الهمزة وكسر الطاء، والأصحّ "أوطنت" بفتح الهمزة وفتح الطاء، قاله ش.

فماذا ترى الحجّاج يبلغ جهده ... إذا نحن جاوزنا حفير زياد١

فلولا بنو مروان كان ابن يوسفٍ ... كما كان عبداً من عبيد إياد

زمان هو العبد المقرّ بذلّةٍ ... يراوح صبيان القرى ويغادي

قال ذلك لأن الحجاج كان هو وأخوه معلّمين بالطائف، وكان لقبه "كليباً"، وفي ذلك يقول القائل:

أينسى كليبٌ زمان الهزال ... وتعليمه سورة الكوثر

رغيفٌ له فلكه ما ترى ... وآخر كالقمر الأزهر٢

يقول: خبز المعلّمين يأتي مختلفاُ، لأنه من بيوت صبيان مختلفي الأحوال.

وأنشد أبو عثمان عمرو بنى بحر الجاحظ:

أما رأيت بني بحر وقد حفلوا ... كأنّهم خبز بقّال وكتّاب

هذا طويلٌ وهذا حنبلٌ جحدٌ ... يمشون خلف عمير صاحب الباب٣

وفي لقبه يقول آخر من أهل الطائف:

كليبٌ تمكّن في أرضكم ... وقد كان فينا صغير الخطر

ولما دخل الحجاج مكة اعتذر إلى أهلها لقلة ما وصلهم به، فقال قائل منهم: إذن والله لا نعذرك وأنت أمير العراقيين وابن عظيم القريتين! وذلك أنّ عروة بن مسعود ولده من قبل امّه. وتأويل قول الله عز وجل: {َقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} ٤. مجازه في العربية: على رجل من رجلين من القريتين عظيم. القريتان: مكة والطائف، والرجلان: عروة بن مسعود، والآخر الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن ع مر بن مخزوم.

ويروى إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه مرّ بقبره ومعه خالد، فقال: أصبح جمرة في النار، فأجابه خالد في ذلك بجواب غير مرضيّ.


١ حفير زياد: نهر احتفره زياد على خمس ليال من البصرة.
٢ الفلكة: مستدار كل شىء.
٣ الحنبل: القصير الضخم. والجحد: ضائق العيش.
٤ سورة الزخرف ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>