للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخر الأيد فقد احتجنا إلى رأيك فيه، فقال: هاهنا رجلان، كلاهما إليك بغيضٌ: محمد بن الحنفيّة، عبد الله بن الزّبير، فقال معاوية: من هو أقرب إلينا على حالٍ. فما دخل الرجلان وجّه إلى قيس بن سعد بن عبادة يعلمه، فدخل قيسٌ، فلما مثل بين يدي معاوية نزع سراويله فرمى بها إلى العلج، فلبسها فنالت ثندوته١، فأطرق مغلوباً، فحدثت أن قيساً ليم في ذلك، فقيل له: لم تبذّلت هذا التّبذّل بحضرة معاوية، هلاّ وجّهت إلى غيرها! فقال:

أردت لكيما يعلم الناس أنها ... سراويل قيس والوفود شهود

وألا يقولوا: غاب قيسٌ وهذه ... سراويل عاديّ نمته ثمود

وإني من القوم اليمانين سيد ... وما الناس إلاسيد ومسود

بذّ جميع الخلق أصلي ومنصبي ... وحسمٌ به أعلو الرّجال مديد

وكان قيسٌ سناطاً٢، فكانت الأنصار تقول لوددنا أنا اشترينا لحيةً بأنصاف أموالنا وسنذكر خبرة بعد القضاء إن شاء الله.

ثم وجّه إلى محمد بن الحنفيّة، فدخل، فخبّر بما دعي له، فقال فقولوا له إن شاء فليجلس وليعطني يده حتى أقيمه أو يقعدني، وإن شاء فليكن القائم وأنات القاعد. فاختار الروميّ الجلوس، فأقامه محمدٌ، وعجز الروميّ عن إقامته، فانصرفا مغلوبين.


١ زيادات ر: "الثندوة: ما اسود حول الحلمة".
٢ زيادات ر: "السناط والسنوط: أن يكون في الذقن شيء من الشعر، ولا يكون في العارضين شيء، فإن لم يكن فيهما جميعا فهو الثط"

<<  <  ج: ص:  >  >>