للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما مالكم? قالت: الإبل، قال: وما هي? قالت: نأكل لحمانها مزعاً١، ونشرب ألبانها جرعاً، وتحملنا وضعفتنا معاً. فقال لها: زوج كريم، ومال عميم.

ثم زار الثانية فقال لها: كيف رأيت زوجك? قالت: يكرم الحليلة، ويقرب الوسيلة. قال: فما مالكم? قالت: البقر، قال: وما هي? قالت: تألف الفناء، وتملأ الإناء، وتودك السقاء، ونساءُ مع نساءٍ. قال لها: رضيت وحظيت.

ثم زار الثالثة، فقال لها: كيف رأيت زوجك? فقالت: لا سمح بذر، ولا بخيل حكرٌ٢، قال: مالكم? قالت: المعزى، قال: وما هي? قالت: لو كنا نولدها فطماً، ونسلخا أدماً، لم نبغ بها نعماً، فقال لها: جذو مغنية.

ثم زار الرابعة، فقال لها: كي رأيت زوجك? فقالت: شر زوج، يكرمُ نفسه، ويهين عرسه، قال لها: فما مالكم? قالت: شر مال؛ الضأن، قال لها: وما هن? قالت: جوف لا يشبعن، وهيم لا ينقعن، وصم لا يسمعن، وأمر مغويتهن يتبعن، فقال: "أشبه امرؤ بعض بزه"٣ فأرسلها مثلاً.

قال علي بن عبد الله: قلت لابن عائشة: ما قولها: "وأمر مغويتهن يتبعن"? فقال: أما تراهن يمررن فتسقط الواحدة منهن في ماء أو وحل وما أشبه ذلك فيتبعنها إليه.

قول الثانية:

له جفنة تشقى بها النيب والجزر

فالنيب: جمع ناب، وهي المسنة، وإنما قيل لها: ناب، لطول نابها؛

قال أوس بن حجر:

تشبه نابا وهي في السن بكرةٌ

وتقدير "نيب" من الفعل "فعلٌ"،ولكن ما كان من ذوات الياء كسر له موضع الفاء من الفعل لتصح الياء، لأن الياء إذا سكنت وانضم ما قبلها كانت


١ مزعا: قطعا.
٢ الحكر هنا: المقتر.
٣ زيادات ر: "أشبه امرأ بعض بزه، رواية"، يضرب للمتشابهين أخلاقا.

<<  <  ج: ص:  >  >>