للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والكناية تقع على ثلاثة أضربٍ:

أحدها: التَّعمية والتَّغطية، كقول النابغة الجعديّ:

أكنِّي بغير اسمها وقد علم الله ... خفيات كلِّ مكتتم١

وقال ذو الرُّمَّة، استراحةً إلى التصريح من الكناية:

أحبُّ المكان من أجل أنَّني ... به أتغنى باسمها غير معجم

وقال أحد القرشيين٢:

وقد أرسلت في السرِّ أن قد فضحتني ... وقد بحت باسمي في النَّسيب وما تكني

ويروى أن عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة قال شعراً، وكتب به إلى امرأةٍ محرمةٍ٣ بحضرة ابن أبي عتيق، وهو:

ألما بذاتِ الخالِ فاستطلعا لنا ... على العهد باقٍ ودها أم تصرما

وقولاَ لها إن النوى أجنبيةٌ ... بنا وبكر قد خفت أن تتيمما

قال: فقال له ابن أبي عتيقٍ: ماذا تريد إلى امرأةٍ مسلمةٍ٤ محرمة تكتبُ إليها بمثل هذا الشعر! قال: فلما كان بعد مديدةٍ قال له ابن أبي ربيعة.

أعلمتَ٥ أن الجوابَ جاء٦ من عندِ ذاك الإنسان? فقال له: ما هو? فقال: كتبت:

أضحى قريضكَ بالهوى نماما ... فاقصد هديتَ وكن له كتاما

واعلم بأن الخال حين ذكرته ... قعد العدو به عليك وقاما

ويكن من الكناية - وذاك أحسنها- الرغبةُ عن اللفظ الخسيس المفحش إلىما يدل على معناه من غيره، قال الله - وله المثل الأعلى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ


١ ر "مكتتم" بفتح التاءين.
٢ زيادات ر "هو محمد بن نمير الثقفى".
٣ ر: "وكتب به محضرة ابن أبي عتيق إلى امرأة محرمة".
٤ كلمة "مسلمة" ساقطة من س.
٥ كذا في الأصل، ص، وفي س: "أما علمت".
٦ كذا في الأصل، وفي س: "قد جاء"، وفي ر: "جاءنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>