للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفترق، فابعثي إلي بقليةٍ جزوريةٍ وبقريةٍ قديةٍ١ حتى نتغداها ونصطبح على ذكركِ، فلما كان في اليوم الثالث بعثَ إليها: إنا لم نفترق، فابعثي إلي بسنبوسكٍ٢ حتى نصطبح اليوم على ذكرك، فقالت لرسوله: إني رأيت الحب يحل في القلبِ، ويفيض إلى الكبدِ والأحشاء، وإن حب صاحبنا هذا ليس يجاوزُ المعدة.

وخبرت أن أبا العتاهية كان قد استأذن في أن يطلق له أن يهدي إلى أمير المؤمنين المهدي في النيروز والمهرجان، فأهدى في أحدهما برنيةً ضخمةً، فيها ثوب ناعمُ مطيب، قد كتب في حواشيه:

نفسي بشيءٍ من الدنيا معلقةٌ ... الله والقائمُ المهدي يكفيها

إني لأيأس منهاثم يطمعني ... فيها احتقارك للدنيا بما فيها٣

فهم بدفع عتبة إليه، فجزعت، وقالت: يا أمير المؤمنين، أبعد حرمتي وخدمتي تدفعني٤ إلى رجلٍ قبيح المنظر بائع جرار ومكتسبٍ بالعشق! فأعفاها، وقال: املئوا له٥ هذه البرنية مالاً، فقال للكاتب: أمر لي بدنانير فقالوا: ما ندفع ذلك، ولكن إن٦ شئت أعطيناك دراهم إلى أن يفصح بما أراد، فاختلف في ذلك حولاً، فقالت عتبةُ: لو كان عاشقاً كما يزعم لم يكن يختلف منذ حولٍ في التمييز بين الدراهم والدنانير، وقد أعرض عن ذكري صفحاً.

ودعت أبا الحارث جمين٧، واحدةٌ كان يحبها، فجعلت تحادثه ولا تذكر


١ القلية الجزوردية: مرقة تتخذ من لحوم الجزور وأكبادها: وبقرية: قطيعة من لحم البقر، وقدية: طيبة الطعم، طيبة الريح.
٢ سنبوسك، فارسي مغرب وهو من ضروب الأطعمة.
٣ ر، س: "ومافيها" وما أثبته من الأصل.
٤ ر: "حرمتى وخدمتي أتدفعني"، وما أثبته عن الأصل.
٥ ساقطة من ر.
٦ كذا في الأصل، س، وفي ر: "إذا".
٧ ر، س: "جميز"، وصوابه مافي الأصل، وهو جمين المدنى صاحب النوادر والمزح" وانظر المشتبه ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>