للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما أبو سعيد الحسن البصري فإنه كان ينكر الحكومة، ولا يرى رأيهم وكان إذا جلس فتمكن في مجلسه ذكر عثمان فترحم عليه ثلاثاً، ولعن قتلته ثلاثاً، ويقول: لو لم نلعنهم للعنا، ثم يذكر علياً فيقول: لم يزل أمير المؤمنين علي رحمه الله يتعرفه١ النصر، ويساعده الظفر، حتى حكم، فلم تحكم والحق معك! ألا تمضي قدماً، لا أبالك، وأنت على الحق!

قال أبو العباس: وهذه كلمة فيها جفاء، والعرب تستعملها عند الحث على أخذ الحق والإغراء، وربما استعملتها الجفاة من الأعراب عند المسألة والطلب، فيقول القائل للأمير والخليفة: انظر في أمر رعيتك لا أبالك! وسمع سليمان بن عبد الملك رجلاً من الأعراب في سنة جدبة٢ يقول:

رب العباد مالنا ومالكا ... قد كنت تسقينا فما بدا لكا

أنزل علينا الغيث لا أبالكا

فأخرجه سليمان أحسن مخرج، فقال: أشهد أنه لا أبا له ولا ولد ولا صاحبة [وأشهد أن الخلق جميعاً عباده] ٣.

وقال رجل من بني عامر بن صعصعة أبعد من هذه الكلمة لبعض قومه:

أبني عقيل لا أبا لأبيكم ... أيي وأي بني كلام أكرم

وقال رجل من طيء، أنشده أبو زيد الأنصاري:

يا قرط قرط حيي لا أبالكم ... يا قرط إني عليكم خائف حذر

أأن روى مرقس واصطاف أعنزه ... من التلاع التي قد جادها المطر

قلتم له اهج تميماً لا أبالكم ... في كف عبدكم عن ذاكم قصر

فإن بيت تميم ذو سمعت به ... فيه تنمت وأرست عزها مضر


١ س: "يتعرفه".
٢ ر: "جديبة".
٣ تكملة من ر.

<<  <  ج: ص:  >  >>