للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القطع بصحة نسبتها إلى موردها، فيقطع بنسبة الدليل من الكتاب إلى الباري جل شأنه، ويقطع بنسبة الدليل من السنة إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وأنه قاله، ويقطع بنسبة الدليل من الإجماع إلى أهله وأن المجمع عليه سبيل المؤمنين، والقطع بهذا الأمر هو القطع بالدليل من جهة ثبوته، أي ثبوته عند المستدل الناظر فيه منسوبا إلى مصدره ومورده١.

ويترتب على النظر في هذه الجهة من القطعية وما يحصل فيها من تفاوت الخلاف في حجية ما نقل من القرآن بالآحاد لعدم القطع فيه من جهة ثبوته قرآنا٢، كما ترتب على النظر فيها كون السنة منها متواتر قطعي الثبوت، ومنها آحاد مختلف في قطعيتها من جهة الثبوت٣، وكون الإجماع منه ما هو قطعي لنقله بالتواتر ممن أجمعوا ومنه ما نقله الآحاد فاختلف في حجيته٤.


١ وليس المراد بثبوت الدليل هنا حجيته أي ثبوته حجة شرعية، لأن القطعية في الدليل ومباحثها مفرعة على حجية الدليل، فالسنة حجة شرعية قطعا عند جميع المسلمين وقد تثبت في صورة معينة بطريق لا يقطع بنسبة الحديث فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قد يضعفه بعض العلماء.
٢ فقد نقل الاتفاق على أنه ليس قرآنا، وأن الخلاف إنما هو في حجيته لا في قرآنيته. انظر مسلم الثبوت٢/٩ وانظر الكلام على هذه المسألة في مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه٢/١٩ وكشف الأسرار للنسفي١/١٨ ومذكرة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ص٥٦.
٣ سيأتي البحث في قطعية خبر الواحد في الباب الثاني، انظر ص (خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.) .
٤ لذا كان مما يَرِد على حجية الإجماع عسر الوقوف على قول كل واحد من أهله حتى قال الإمام أحمد: "من ادعى الإجماع فقد كذب، لعل الناس اختلفوا ... لكن يقول: لا نعلم، لعل الناس اختلفوا ولم يبلغه" انظر العدة لأبي يعلى٤/١٠٥٩.

<<  <   >  >>