للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قطعية الدليل مانعة من الاجتهاد وموجبة لخطأ مخالف الدليل القطعي، لأن معنى كونه قطعيا اليقين والجزم بنسبته إلى الله تعالى أو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تجوز مخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بعد أن يتبين بيقين، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُون لَهُمُ الخِيَرَة مِنْ أَمْرِهِمْ} ١، وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فتْنةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ٢.

ولذا كانت الأحكام الشرعية الثابتة بقواطع الأدلة غير قابلة للاجتهاد المؤدي إلى مخالفتها، ومن فعل ذلك فهو مخطئ في اجتهاده قطعا، فكل مسألة فيها دليل قطعي مسألةٌ قطعية، والحق فيها متعين فيما أفاده الدليل القطعي، ومخالفه مخطئ سواء أقَصّر في طلب الدليل أم لم يقصر٣.

وما يظهر من نقل بعض العلماء الخلاف في تخطئة مخالف الدليل القطعي إذا لم يقصر وأن ذلك داخل في مسألة التصويب والتخطئة٤ -


١ سورة الأحزاب (٣٦) .
٢ سورة النور (٦٤) .
٣ انظر المستصفى (بولاق) ٢/٣٥٤، ٣٥٧-٣٥٨ والمحصول للرازي٦/٢٧ والإحكام للآمدي ٤/٣٩٨ وشرح مختصر الروضة للطوفي ١/٤٩٩-٥٠٠ والبحر المحيط ٦/٢٧٧ والموافقات ٤/١٥٦ وشرح الكوكب المنير٤/٤٩٠ وانظر أصول الجصاص ص١٦١-١٦٢ والثوابت والمتغيرات للدكتور صلاح الصاوي ص٥٦.
٤ مما نقل من ذلك ما ذكره الجويني في البرهان ٢/٨٨٥-٨٨٦ عن القاضي أنه يقول بالتصويب ولو في مسألة فيها نص.

<<  <   >  >>