للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: إذا قيل باستحبابه فلدليل غير هذا الأمر وهو أن الأكل من لحوم الإبل يورث قوة نارية فناسب أن تطفأ بالماء كالوضوء عند الغضب ولو كان الوضوء من لحوم الإبل واجبا على الإمة وكلهم كانوا يأكلون لحم الإبل لم يوقف بيان وجوبه حتى يسأله سائل فيجيبه.

فعلم أن مقصوده أن الوضوء من لحومها مشروع وهو حق والله أعلم.

وقد يقال الحدث إنما ذكر فيه بيان وجوب ما يتوضأ منه بدليل أنه لما سئل عن الوضوء من لحوم الغنم قال: "إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ" ١ مع أن التوضى من لحوم الغنم مباح فلما خير في لحم الغنم وأمر بالوضوء من لحوم الإبل دل على أن الأمر ليس هو لمجرد الإذن بل للطلب الجازم والله أعلم.

وأما الأمر بماهية مخصوصة بعد سؤال التعليم فإنه لا يقتضى الوجوب على ما سبق في إلحاقه الأمر بعد الاستئذان وحينئذ فلا يستقيم استدلال أصحابنا على وجوب الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير بما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قيل له يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلى عليك فقال: "قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد" ٢ الحديث نعم إنه ثبت الوجوب من خارج فكيف يكون هذا الأمر للوجوب لأنه بيان لكيفية واجبة والله أعلم.


١ سبق تخريجه.
٢ نص الحديث: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية؟ إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا فقلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: "قولوا: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد" رواه البخاري كتاب الدعوات رقم: "٦٣٥٧" ومسلم كتاب الصلاة رقم: "٤٠٦".

<<  <   >  >>