للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عزّ وجلّ - يردّ علينا ما هممنا به - فقال: {وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: ١٩٥) ، فكانت التهلكة في الإِقامة التي أردنا أن نقيم في أموالنا نصلحها. فأمرنا بالغزو فما زال أبو أيوب رضي الله عنه غازياً في سبيل الله حتى قبضه الله عزّ وجلّ.

وأخرجه أيضاً البيهقي من وجه آخر عن أبي عمران رضي الله عنه قال: غزونا المدينة - يريد القُسطنطينية -، وعلى الجماعة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة. فحمل رجل على العدوّ. فقال الناس: مَهْ مَهْ لا إله إلا الله يلقي بيده إلى لتهلكة. فقال أبو أيوب رضي الله عنه: إنما أُنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار؛ لمّا نصر الله نبيه وأظهر الإِسلام. قلنا: هَلُمَّ نقيم في أموالنا ونصلحها. فأنزل الله تعالى: {وَأَنفِقُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ، فالإِلقاء بأيدينا إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحَها وندعَ الجهاد. قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقُسطنطينية.

وأخرج أبو داود، والترمذي، والنِّسائي عنأ بي عمران رضي الله عنه قال: حمل رجل من المهاجرين بالقُسطنطينية على صفِّ العدوّ حتى خرقه؛ ومعنا أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه. فقال ناس: ألقَى بيده إلى التهلكة. فقال أبو أيوب: نحن أعلم بهذه الآية، إنما نزلت فينا. صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدنا معه المشاهد ونصرناه، فلما فشا الإِسلام وظهر اجتمعنا معشر الأنصار تحبّباً، فقلنا: قد أكرمنا الله بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصره حتى فشا الإِسلام وكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>