للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود بكلمة الأشقى في الآية الكريمة هو أمية بن خلف، والأتقى هو أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه١.

وقد نبه الله -عز وجل- إلى أن بذل أبي بكر الصديق لماله في شراء بلال وغيره، لم يكن إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى وكفى بهذا شرفًا وفضلًا.

وما روي عن عمار بن ياسر وأبيه وأمه -رضوان الله عليهم- فلقد كان أبوه ياسر حليفًا لبني مخزوم، ولما كان عمار وأبوه وأمه واقعين تحت نفوذ المشركين من بني مخزوم، فإنهم أوقعوا بهم من العذاب ما لا طاقة لأحد به، فكانوا إذا اشتدت حرارة الشمس ألبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس.. ويا لها من قسوة بالغة إذا عرفنا حر مكة في فصل الصيف، ولقد مر بهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم في العذاب فقال لهم: "صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة. أبشروا آل عمار وآل ياسر، فإن موعدكم الجنة" ٢.

وقد مات ياسر في العذاب، أما امرأته سمية فقد أغلظت القول لأبي جهل


١ قد جاء أن الأتقى هو أبو بكر، عن عروة بن الزبير، عند ابن أبي حاتم، وعن عبد الله بن الزبير، عند الحاكم وصححه.
وعن الزبير، عند البزار وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن عدي وغيرهم. وعن ابن عباس، عن ابن مردويه.
كما ذكر جميع ذلك في "الدر المنثور" ٦/ ٦٠٧.
وأما الأشقى فالصحيح عموم القصد، وأن المقصود بذلك كل من كذب بالإسلام وعصى أوامره. كما جاء ذلك في حديث أبي أمامة موقوفًا ومرفوعًا. على أن عموم اللفظ لا يمنع من خصوص السبب. والله أعلم.
٢ القصة صحيحة، وانظر "المستدرك" ٣/ ٣٨٨، و"دلائل النبوة" ٢/ ٢٨٢ للبيهقي، و"مجمع الزوائد" ٩/ ٢٩٣ للهيثمي، و"الاستيعاب" ٤/ ٢٣٠، و"الإصابة" ٤/ ٣٣٥، و"الكامل" ٢/ ٤٥ لابن الأثير، وغير ذلك. وانظر الآتي.

<<  <   >  >>