للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لشر منتظر عما قريب.

أمام ذلك كله فكرت قريش في سلاح رهيب تقاوم به هذا الشر والخطر، وهو سلاح المقاطعة الاقتصادية، فاتفقت على أن تقاطع بني هاشم وبني المطلب مقاطعة تامة، فلا يتزوجون من نسائهم، ولا يبيعون لهم شيئًا، ولا يشترون منهم، ولا يخالطونهم ولا يقبلون منهم صلحًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للقتل.

وسجلوا هذه القرارات في صحيفة ختمت بأختام وعلقت في جوف الكعبة تأكيدًا لاحترامها١، فيكون الخروج عليها أو عدم الوفاء بما فيها بمثابة الخروج على العقيدة الموروثة. وكانوا يعتقدون أن سياسة التجويع والمقاطعة سيكون لها من الأثر ما يحقق أغراضهم.

وإزاء هذه المقاطعة الجائرة الغاشمة انتقل كل بني هاشم وبني المطلب ومعهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى شعب كان يطلق عليه شعب أبي طالب، بظاهر مكة، يعانون الحرمان ألوانًا، حتى لقد بلغ من سوء حالهم أن أكلوا أوراق الأشجار. ولم يتخلف عن الانضمام إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- من بني هاشم سوى عمه أبو لهب الذي أسرف في تعصبه للأصنام وفجر في بغضه للإسلام، ولم يرع للقرابة حرمة، ولا للرحم مودة.


١ وقد ذكر ابن إسحاق في السيرة القصة بلا إسناد، كما عند ابن هشام ١/ ٣٧٦ وغيره. وأسندها ابن سعد من وجوه متصلة ومرسلة "١/ ٢٣٢ ترتيب طبقاته"، وأسندها البيهقي في "الدلائل" من مرسلات الزهري ٢/ ٣١١.
وأسندها أبو نعيم في "الدلائل"، من مرسلات عروة بن الزبير رقم ٢٠٥، ثم من كلام ابن إسحاق، ثم من حديث ابن عباس من طريق الواقدي، وفي بعض الروايات جميعها ما ليس في بعضها الآخر، وانظر "طبقات ابن سعد" ١/ ١٣٩، و"تاريخ الطبري" ٢/ ٣٣٥، و"البداية" ٣/ ٨٤، و"السيرة الحلبية" ١/ ٤٤٩، و"الدرر في اختصار المغازي والسير" و"سبل الهدى والرشاد" ٢/ ٥٠٢، وغير ذلك.

<<  <   >  >>