للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحين بظهور نبي من العرب يُبعث، قد قَرُب زمانه يعرفونه بأوصاف ذُكِرت في كتبهم، ويتمنون لقاءه والالتفاف حوله حتى يقوي أمرهم ويطردوا الأوس والخزرج من المدينة١.

وهذا الشعور الذي امتلأت به نفوس الأوس والخزرج هو الذي جعل قلوبهم مستعدة لقبول الإسلام، والخضوع لقيادة محمد عليه الصلاة والسلام.

وقد شاء الله أن يلتقي جماعة من الخزرج بمحمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة، وكان ذلك في موسم الحج سنة ٦٢٠م، فسألهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن أحوالهم وعن علاقتهم باليهود، وحدثهم عن الدين الجديد، وبين لهم أصوله وتعاليمه، ودعاهم إلى الدخول فيه، وتلا عليهم بعض آيات من القرآن، فتأثروا إلى حدٍّ كبير بما سمعوا.

ونظر بعضهم إلى بعض وقالوا: والله إنه النبي الذي تتحدث عنه اليهود وتهددنا به. فأسلم ستة منهم، ووعدوه بنشر الإسلام بين أهلهم٢.


١ وإلى هذا يشير قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} [البقرة: من الآية: ٨٩] .
وقد أخرج أبو نعيم في "الدلائل" عن ابن عباس قال: "كانت يهود بني قريظة والنضير من قبل أن يُبعث محمد يستفتحون الله، ويدعون على الذين كفروا، ويقولون: إنا نستنصرك بحق النبي الأمي، ألا نصرتنا عليهم فينصرون {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} يعني محمد، {كَفَرُوا بِهِ} .
وأخرج نحو هذا من طريق عاصم بن عمر بن قتادة عن شيوخ له. وهذا الوجه الثاني عند ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "الدلائل".
وفي الباب أحاديث كثيرة في هذا ذكر أكثرها السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ١٦٩-١٧٠.
٢ في مغازي موسى بن عقبة عن ابن شهاب ذكر جماعة منهم معاذ بن عفراء، وأسد بن زرارة، ورافع بن مالك، وذكوان، وعبادة بن الصامت، وأبو عبد الرحمن بن ثعلبة وأبو الهيثم بن التيهان، وعويم بن ساعدة.
أسند ذلك البيهقي في "الدلائل" ٢/ ٤٣١-٤٣٢ عنه ثم قال: وذكر ابن إسحاق ذلك عن شيوخه أتم مما رواه موسى عن ابن شهاب، وزعم أنه لقي نفرًا منهم أسعد بن =

<<  <   >  >>