للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بين الحق والباطل، وكان سببها أن قافلة تجارية لقريش بقيادة أبي سفيان كانت قادمة من الشام وفي طريقها إلى مكة، فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يعترض طريق هذه القافلة ليفجع قريشًا في أموالها كما فجعت قريش المسلمين من قبل في أموالهم وأنفسهم، وخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلًا١ من أصحابه في اليوم الثامن من رمضان٢ ومعهم سبعون بعيرًا وفرسان.

وحينما علم أبو سفيان بخروج الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فزع كل الفزع، وأرسل إلى قريش يطلب الغوث والنجدة، فثار القرشيون ثورة عصبية، ونفروا سراعًا، وعلى رأسهم سادتهم وكبراؤهم، وكانت عدتهم تسعمائة وخمسين رجلًا٣، ومعهم مائة فرس وسبعمائة بعير، ومضى مشركو قريش في طريقهم لنجدة أبي سفيان وتخليص أموالهم من قبضة المسلمين، وبينما هم في الطريق وصلهم رسول من أبي سفيان يخبرهم بنجاته هو وقافلته، ويطلب إليهم الرجوع، ولكن أبا جهل تحمس للحرب والقتال، وأبى إلا أن يتقدم حتى يصل إلى بدر٤، وصاح قائل: والله لا نرجع حتى نصل إلى بدر ونقيم عليها ثلاثًا، ننحر الجزر ونطعم الطعام ونسقي الخمر، وتعزف علينا القيان٥، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدًا بعدها.

وتردد القوم بين اتباع أبي جهل مخافة أن يتهموا بالجبن والخور، وبين


١ أو أكثر من ذلك بقليل، ولعل المرجح أنه خرج معه فيها ثلاثمائة وخمسة، وأربعة عشر لم يحضروها لكن ضرب لهم بسهم المحارب كعثمان بن عفان، وعاصم بن عدي، والحارث بن حاطب، والحارث بن الصمة، وخوّات بن جبير وغيرهم، فلذلك اختلف في العدد، مع أنه صح عند مسلم أنه ثلاثمائة وتسعة عشر.
٢ أو الثاني عشر، وقد بدأ القتال في السابع عشر من رمضان على المشهور.
٣ في "صحيح مسلم" ١٧٦٣ أنهم ألف.
٤ مكان في الجنوب الغربي من المدينة، فيه ماء.
٥ المغنيات.

<<  <   >  >>