للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقام يباشر بنفسه هذا العمل الكبير.

ويقع المكان الذي اختاره الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليحفر فيه هذا الخندق في شمال المدينة من الحرة الشرقية إلى الحرة الغربية١، وهذه هي الجهة التي كانت عورة يمكن أن تؤتى المدينة من قبلها، أما بقية حدودها فمشتبكة بالبيوت والنخيل ولا يتمكن العدو من الحرب في جهتها، وبهذا يتبين لنا أن فكرة الخندق عمل حربي ناجح، وسهم رائش٢ صوبه المسلمون إلى قلب أعدائهم فنفذ إلى الصميم.

وبدأ المسلمون يعملون في حفر الخندق، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعمل معهم بيديه، وكان يتمثل بقول القائل٣:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزل سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

والمشركون قد بغوا علينا ... وإن أرادوا فتنة أبينا

وكان دائم التشجيع للمسلمين، فإذا رأى ما حل بهم من التعب والجوع يذكرهم بالآخرة، وما أعد للمؤمنين فيها من السعادة والنعيم، قائلًا:

"اللهم إن العيش عيش الآخرة، فارحم الأنصار والمهاجرة".

فيرد عليه المسلمون -وقد امتلأت نفوسهم بالإيمان، ونسوا ما هم فيه من الآلام والمتاعب- قائلين:


١ والحرة: أرض من الصخر الأسود.
٢ أي صائب.
٣ القائل هو عبد الله بن رواحة.

<<  <   >  >>