للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اليهود بين التوراة والتلمود وموقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- منهم

نزلت التوراة على نبي الله موسى بن عمران -عليه السلام- فبلغها للناس كما أنزلها الله سليمة من التحريف، نقية من الزيف والبهتان، وفيها موعظة وتفصيل لكل شيء، وبها من الآداب الاجتماعية والمثل الأخلاقية ما يطهر النفوس ويحيي القلوب، وتسعد في ظلاله الأمم والشعوب. وفي ذلك يقول الله لنبيه موسى بعد رسالته: {يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} ١.

وعاش قوم موسى مع نبيهم بعد ذلك يعبدون الله ويتمسكون بما جاء في التوراة من هدى ونور، وسموا حينئذٍ باليهود لأنهم هادوا -أي: رجعوا إلى الله- وفي ذلك يقول موسى -عليه السلام: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} ٢، أي: رجعنا إلى الحق وتبنا مما فرط منا من عثرات وأخطاء.

وقد ظلت اليهودية على حقيقتها النقية الصافية حينًا من الزمن، ثم دبت إليها عقارب السوء فعكرت صفاءها، ولوثت طهارتها، وهدمت كل معاني الخير والفضيلة فيها.

ومن العجيب أن يظل كتابهم يسمى بالتوراة بعدما وقع فيه من التغيير والتبديل، وما أصابه من التحريف والتزييف، وأعجب من ذلك كله أن يظل


١ سورة الأنعام، الآية ١٤٤.
٢ سورة الأعراف، الآية ١٥٦.

<<  <   >  >>