للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ادن مني. ثم أمر بأصحابه فجعلوا خلفه. ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه: إنما قدمت هذا أمامكم لأسأله عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي، وقد جعلتكم من خلفه كيلا تخجلوا من رد كذبه إذا كذب، ثم سأله: كيف نسب هذا الرجل فيكم؟..

قال: هو فينا ذو نسب. قال: هل تكلم بهذا القول أحد منكم قبله؟ قال: لا. فقال الملك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قال: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فأجاب أبو سفيان: بل ضعفاؤهم. قال الملك: فهل يزيدون أم ينقصون؟ قال: بل يزيدون. قال: هل يرتد أحد منهم سخطة١ لدينه؟ قال: لا. قال: هل يغدر إذا عاهد؟ قال: لا، ونحن الآن منه في ذمة٢ لا ندري ما هو فاعل فيها. قال الملك لأبي سفيان: فهل قاتلتموه؟ قال: نعم. قال: فكيف حربكم وحربه؟ قال: الحرب بيننا وبينه سجال، مرة لنا ومرة علينا. قال: فبِمَ يأمركم؟ قال: يقول: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وينهى عمّا كان يعبد آباؤنا، ويأمر الصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة ...

وبعد أن انتهى الملك من أسئلته لأبي سفيان وجه إليه الكلام قائلًا إني سألتك عن نسبه، فزعمت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تُبعث في نسب قومها ... وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول قبله؟ فزعمت: أن لا، فلو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت: رجل يأتم بقولٍ قيل قبله. وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت: أن لا، فقلت: ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله، وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فقلت: لا. فلو


١ كراهية.
٢ يريد صلح الحديبية.

<<  <   >  >>