للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سبب الغزوة]

وكانت الظروف التي أحاطت بقريش، وروح الشر التي بدأت منهم، هي السبب المباشر الذي يحتم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزوهم حتى لا يستفحل الشر ويتفاقم الخطر، وذلك أن قريشًا نقضت ما تعهدت به في صلح الحديبية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنصرت قبيلة بكر الموالية لها على قبيلة خزاعة الموالية للرسول -صلى الله عليه وسلم- وكان العهد القائم بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقريش أنه من أحب أن يدخل في حلف محمد فهو آمن. فدخلت بكر في حلف قريش، ودخلت خزاعة في حلف الرسول -صلى الله عليه وسلم.

ولو أن قريشًا احترمت عهودها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما فكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في فتح مكة، ولقدر لهذا البلد الأمين أن يقضي فترة أخرى في ظلمات الشرك والوثنية.

ولكن الله أبى أن يتم نوره، فأبت قريش إلا أن تغدر وتظلم وتنتهك حقوق الضعفاء، وأبى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يقاوم الظلم والغدر ويكون رمزًا للإنصاف والوفاء.

وكانت خزاعة قد تعرضت لعدوان قبيلة بكر، بتأييد ومعونة من قريش فقتل منهم عدد كبير، عند ماء لهم يقال له الوتير١ دون ذنب إلا أنهم مسلمون، وداخلون في حلف مع الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- وحينئذ خرج زعيمهم عمرو بن سالم الخزاعي٢ حتى وصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس، فقال مستجيرًا بالرسول -صلى الله عليه وسلم:


١ الوتير اسم ماء بأسفل مكة لخزاعة.
وقيل: بل قتل لخزاعة رجل واحد عند ذلك الماء قتله بنو بكر، فتقاتلوا جميعًا حتى دخلوا الحرم فأمدت قريش بني بكر بالسلاح.
٢ مع أربعين راكبًا.

<<  <   >  >>