للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حتى أصبح البلد الأمين مثابة للناس وأمناً، وأصبحت أبوابه مفتوحة للمسلمين يغدون ويروحون ويحجون ويعتمرون.

وقد عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى أبي بكر -رضي الله عنه- بالإمارة على الحجيج -كما قدمنا- فخرج على رأس ثلاثمائة من المسلمين١ قاصدًا البلد الحرام، وقد طهره الله من الأصنام والأوثان، ولكنه لم يطهر بعد من المشركين الذين أقبلوا من كل فجٍّ يطوفون بالبيت، ويتلمسون آلهتهم التي كانت تستظل به منذ عام واحد، ثم حطمها محمد -صلى الله عليه وسلم- فاختفت أشباحها من الوجود، ولكن بقي -على حد زعمهم- روحها القوي يصرف عنهم السوء، ويملأ حياتهم بالخير والبركة.

وكان من فضل الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- وعلى المسلمين، أن يعيد لهذا البيت طُهره القديم منذ رفع قواعده إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- فنزلت الآيات الكريمة من سورة التوبة:

{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} ٢.

{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ، إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} ٣.

{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ


١ وبهذا العدد جزم الحافظ ابن حبان في ثقاته ٢/ ١١٣، وذكره ابن إسحاق، وابن سعد وغيرهما.
٢ سورة التوبة، الآية ٣.
٣ سورة التوبة، الآية ١٧، ١٨.

<<  <   >  >>