للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجل- كما واعد موسى وهو آتيكم.

وفي رواية أخرى أنه قال: أيها الناس كفوا ألسنتكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يمت. والله لا أسمع أحدًا يذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد مات إلا علوته بسيفي هذا١.

لم يكن أحد من المسلمين في مثل حال العباس وأبي بكر -رضي الله عنهما- فإن الله أيدهما بالتوفيق والرضا والاطمئنان بما قضى الله.

فأما أبو بكر فإنه لما بلغه الخبر دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكشف عن وجهه، وقبل جبينه وجعل يبكي ويقول: بأبي أنت وأمي ونفسي وأهلي. طبت حيًّا وميتًا، وانقطع لموتك ما لم ينقطع لموت أحد من الأنبياء٢، فعظمت عن الصفة وجللت عن البكاء، ولولا أن موتك كان اختيارًا منك لجدنا لحزنك بالنفوس، ولولا أنك نهيتنا عن البكاء٣ لأنفدنا عليك ماء العيون، فأما ما لا نستطيع نفيه عنا فكمد وادكار يتحالفان ولا يبرحان. اذكرنا يا محمد عند ربك، ولنكن من بالك، فلولا ما خلفت من السكينة لم نقم لما خلفت من الوحشة.

ثم خرج٤ أبو بكر بعد ذلك إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألا من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.


١ "صحيح البخاري" ٤٤٥٤، و"فتح الباري" ٨/ ١٤٥ و ١٣/ ٢٤٥، و"دلائل النبوة" للبيهقي ٧/ ٢١٥، و"البداية" ٥/ ٢٤٥ وغير ذلك.
٢ يريد انقطاع الوحي.
٣ لعله يريد النهي عن النواح والصراخ واللطم والشق ونحو ذلك، أما مجرد البكاء فغير منهي عنه.
وعلى كل حال فهذه الزيادة من قول أبي بكر في الآخر "وانقطع ... " لم تأت من وجه صحيح متصل.
٤ هذا القدر المتبقي من سياق أبي بكر صحيح كما مضى ذكر بعض مصادره.

<<  <   >  >>